بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس السادس عشر لسنة 1426 هـ . ق

عيادة الإمام الجريح أمير المؤمنين (عليه السلام)

ليلة (20) من شهر رمضان

عَيني لمأساةِ الإمامةِ تدمعُ   في فقدِ فخرِ الأوليا اتفجعُ
لمْ انسهُ إذْ قامَ في محرابِهِ   وسواهُ في طيفِ الكرى يتمتعُ
فانسلَّ يستلُّ ابنُ ملجمَ سيفهُ   متخفياً والليلُ داجٍ أسفعُ
وعليهِ مُذْ رفعَ الصفيحةَ كادَ منْ   جزعٍ يخرُّ لهُ الصفيحُ الأرفعُ
ونعاهُ جبريلٌ ونادى في السَّما   وعليهِ كادَتْ بالنِّدا تتقطَّعُ
اليومَ أركانُ الهُدى قدُ هدِّمَتْ   اليومَ شملُ المسلمينَ موزَّعُ
اليومَ قدْ قُتِلَ ابنُ عمِّ المُصطفى   اليومَ قدْ قُتِلَ الوَصيُّ الأنزعُ
لمْ أنسَ زينبَ مُذْ رأتْهُ وجِسمُهُ   مِنْ فيضِ مفرقِهِ الشَّريفِ مُلفَّعُ
فغدَتْ تُخضبُ شعرَها بدمائِهِ   وعليهِ تذرفُ دمعَها وتفجَّعُ
 
طلعت صارخة اشبولك   او للمسجد لفت يمك
لنك يا وصي الهادي   خضيب الشيب من دمك
دارت بيك ويلادك   تجري الدمع واتشمك
 

تصفج وسف بالجفين / لفراگك ينور العين / رفع راسك او شاله احسين

گام ايجلب ابجرحه   او شد راسك بالعصابه
شالوك الهلك مصيوب   يا حيدر امن المحراب
اويلي والدموع اتسيل   لمصابك يداحي الباب
زينب شافتك جابوك   صاحت والدمع سجاب
 

لحد يحماي الحمه / مصيوب واعليك انغمه / ياهو الولاك ابصارمه 

او شيبك تخضب بالدمه

ابوذيه:

علي يالّي الك عالخلگ منصب   دمك وسفه بالمحراب منصب
ابن ملجم الداحي الباب من صاب   نعا ناعي السمه ﮔبل الوطيه
 

إنا لله وإنا إليه راجعون

عزائنا لإمامنا المهدي والموالين بهذه الفاجعة

قال حبيب بن عمروٍ السَّكوني:

دخلتُ على أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن عمّمَهُ ابن اليهودية بالسيف، وعنده الوجوه من الأشراف، هذا وقد نزف دمه واصفرَّ لونُه واعتراه الضعف والنحول، وهو يحلُّ عصابةً صفراءَ قد عَصّب بها رأسه، فو الله لم أدرِ أعصابته أشدُّ صفرةً أم وجههُ هذا وما من أحدٍ عنده، إلا وماءُ عينيه يترقرقُ فوق سوادِها حزناً عليه، ورأيتُ أبناءهُ والهاشميينَ قدْ أحدقوا به، وهم يتململون تململَ السليم فما تنفسَ منهم أحدٌ إلا وظننتُ أنَّ شظايا قلبه تخرجُ مع نفسهِ من الوجدِ والولَه، والكلُّ ساكتٌ رأفةً بهِ وهيبةً منه، هذا وقد أرسلوا خلفَ أثير بنِ عمروٍ ، وهو الجرّاحُ الكبير، ولسان حال زينب اُم المصائب:

زينب نادت الجراح   او منها العين سجابه
لبويه من تشد راسه   بالك تلجم اصوابه
 

فأمرهم فذبحوا شاةً وشقوا بطنها، فاستخرجَ عرقاً من رأة حارةٍ فنفخهُ ووضعهُ في جرح رأسِ الإمام(عليه السلام) وأمهلهُ هنيّةً ثم جذبهُ وقد تكلّلَ عليه من الدماغ ومال للخضرة من شدة السم.

فسُألَ الجراح عنه فاخْرَسَّ عن جوابهِ وتلجلجَ وطأطأ برأسهِ إلى الأرض، فيأسوا واويلاه واختنقوا بالعبرة.

هذا ولما يقِدروا أن يَرفعوا أصواتهم مخافةَ أن تهيجَ النساءُ خلفَ الستر ويظطرب الأمير(عليه السلام) فوضعوا رؤوسهم بين ركبهم ينشجونَ نشيجاً خفياً، إلا الأصبغُ بنُ نباته فإنه لم يملك نفسه فشرقَ بعبرتهِ وانتحبَ ولا تسلْ عن آلهِ كزينبَ ولسانُ حالِها:

يـحسين خبرني عن الحال   عنه الطبيب شخبر وگال
بلجن بشارة تفرح العيال   خويه الحزن منها نال ما نال
ون وتحسر من سمعه   وعيونه فاضت من دمعه
ولـخته على الحاله طلعه   راح الذي يحامي شرعه
 
أريد آنه اعله أبوي أنشد حسنه   عزيز او نسمع الليله حسنه
عليه امن البجي ما ظل حسنه   بكت بس النواضر تكت هيه
 

يقولون: فتح الإمام (عليه السلام) عينيه ونادى أين ولدي أبو الفضل قال: نعم قال له تقدم حتى أجلسه عنده ثم نادى أين ابنتي العقيلة زينب قالت: نعم قال تقدمي ثم أخذ يد العقيلة وضعها بيد أبي الفضل وهو يقول: هذه أمانتي عندك. وكأني بأبي الفضل:

وحگ جدها النبي الهادي وياه   ابو جودي الضيم مامره وياهه
حدي الكطعت اﭼفوفي وياهه   اتعذرني لو طحت فوﮒ الوطيه
 
عباسُ تسمعُ زينباً تدعوكَ مَنْ   لي يا حمايَ إذا العدى نهروني
أولستَ تسمعُ ما تقولُ سكينةٌ   عماهُ يومَ الأسرِ من يَحميني