نزفك الزمن المستحيل

تَورّدَ وجهُ الرؤى الساهرةْ   بفيضٍ من البهجةِ الغامرةْ
يُلامسُ بالنورِ نبضَ الزمان   وينهلُّ بالرحمةِ العاطرةْ
ويبذرُ بينَ أنينِ الرمال   شرايينَهُ لهفةً ناضرةْ
ويمتدُّ زَهْواً وراءَ الشموس   ليمنحَها الفرحةَ الساحرةْ

* * *

عيونٌ تُطوّفُ في أوجُهٍ   تنثُّ بهاءَ السما الماطرةْ
فتبسمُ للأملِ المُستفي   ضِ والرعشةِ الغضّةِ الفاترةْ ..
تُحَِدّقُ عينا وليدِ النقاء   بها .. فتفزُّ المُنى حائرةْ
فكلُّ العوالِمِ تُطوى بها   وتمْرِعُ في نبضةٍ هامرةْ
ولا عجَبٌ ؛ فالقلوبُ التي   تمُدُّ العُلا شهقةً شاكرةْ
إلى ربِّها ، تستحيلُ رحاباً   تلفُّ خطى كونِهِ السائرةْ

* * *

عيونُ الرسولِ تفيضُ بصمتٍ   وجبريلُ همستُهُ قاهرةْ :
(( سيكبرُ هذا السناءُ الوليد   وتقتلُهُ الثلّةُ الكافرةْ
سيُمسي جراحاً .. جراحاً .. جراحاً ..   على الرملِ في لَسعةِ الهاجرةْ
ولكنَّ دينَكَ لن يستقيم   إذا لم تطَلَّ الدِما الطاهرةْ
فدينُكَ مخبوءُ نبضٍ لهُ   يسيلُ بهِ أبحُراً زاخرةْ
فيستبقُ الزمنَ المُنتئي   ويزرعُهُ روحَكَ الباهرةْ .. ))
فيبكي عليٌّ ، وتبكي البتول   ويبكي الرسولُ ، ومَن شاورهْ

* * *

فيا أيُّها الزمنُ المُستحيل   عنتْ لكَ أبصارُنا الحاسرةْ
تَمثّلَ في بشَرٍ إذ تسي   رُ قطباً لأرواحِنا الدائرةْ
طويتَ الطريقَ الطويلَ الخطير   لتختصرَ الدربَ للآخرةْ
وقلبُكَ فاحَ على دَفْقِهِ   أريجُ اليقينِ رؤىً طاهرةْ
وحولَكَ مِن سادةِ المَكرُمات   وجوهٌ إلى ربّها ناظرةْ
يطولُ مع الليلِ هذا الطريق   ووقعُ الخطى نغمةٌ شاعرةْ
وهمسُ التلاوةِ في صمتِهِ   كخفقةِ نورٍ بدتْ سافرةْ
إذا رتّلَ الركبُ آيَ الكتاب   تطِلُّ الملائكةُ الحائرةْ
لتنظرَ كيفَ يكونُ النشيج   نشيداً .. وهذي الفلا حاضرةْ
وكيفَ يكونُ الدعاءُ البهيج   مباسمَ فجرِ الندى العامرةْ
وكيفَ تكونُ أكفُّ الجراح   مقاديرَ جامحةً مائرةْ
فينهدمَ الليلُ .. تخزى الطغاة   وترْجعُ بالصفقةِ الخاسرةْ
ويسمو على الرمحِ رأسُ الحياة   تلاقفهُ الأنجمُ الزاهرةْ