راكب العروج سفينا

أيَّ سِرّ يُخَبّئُ اللهُ فينا   وعلى فَيْءِ عُمْقِهِ يطوينا ؟
ما الذي شاءَهُ الإلهُ فكُنّا   مِثْلَ ما شاءَ أكرمُ الخالقينا ؟
عُمْقُنا مِثْلُ أَلْفٍ أُفْقٍ ، مَلِيْءٍ   بِنَجاوى النُجومِ والساهرينا
مَنْ يَفُكُّ الألغازَ في عُمْقِنا النائي ؟   ومَنْ يركبُ العُروجَ سَفينا
آهِ لو أننا اسْتَنَرْنا بفيضِ   النُورِ مِنْ آلِ أحمدَ الطاهرينا
وعَرَفْنا مَخابِئَ السِرّ والإشراقِ   في عُمْقِ أنْفُسٍ تَسْتَبِيْنا
مِثْلَما شامَها أبو الفضلِ فانجابت   بِرؤياه داجِيَاتٌ عَمِيْنا
فَخَطا لِلندى المُجَنَّحِ بالروحِ   فكانتْ ساعاتُهُ كالسِنينا
ليْسَ عُمْراً تَقَوْقُعُ المَرْءِ في الظِلّ ،   وكَوْنُ الإحساسِ ماءً وطينا
إنّما العُمْرُ في عُلاً تُسْرجُ العقلَ   وتسقيهِ طُهرَها واليقينا
ذا أبو الفضلِ وَهْوَ تِلميذُ وَحٍْي قَدْ وَعاهُ فكانَ في السابقينا
لَمْ تَرُعْهُ الجُموعُ ، لَمْ يُثْنِهِ   الترغيبُ .. ما آثَرَ الضَلالَ المُبينا
وبجنبِ الفُراتِ فاضتْ دِماهُ   لِيُرَوّي بِنَزْفِهِ الحائرينا
وعلى هَدْيِ جُرحِهِ كَبْوةُ التاريخِ   تُمحى .. لِيُنْبتَ الياسمينا
قد قضى والنهرُ ذا يبكي عليهْ   ظامِئاً ، والقَومُ قد حَزّوا يديهْ
وَدَّ لو سارَ مع الماءِ إليهْ   والدمُ الحُرُّ دنا من ضفّتيهْ
صابراً والقلبُ يُرخي نبضتَيْهْ   وأخوهُ بالأسى جاثٍ لَديهْ

ترجمة متخيلة لنداء عيون كل طفل من أطفال معسكر الإمام الحسين عليه السلام تخاطب به أبا الفضل العباس ، حيث تيبست الألسنة من الظمأ ، وضاعت الحروف :

كانتْ تُناديهِ العُيونُ بلوعةٍ   رُحماكَ يا عماهُ شربةَ ماءِ
جفَّ اللسانُ على اللهاةِ ، وشهقتي   أصداؤها صَخَبٌ يُشِبُّ دِمائي
أنتَ الرجاءُ وذا الفراتُ ترقرقتْ   فيهِ المياهُ .. فهل يَخيْبُ رجائي ؟!
عمّاهُ ؛ حَرُّ الموتِ أيْبَسَ أحرُفي   فاسمَعْ مِن العينينِ صوتَ ندائي

القصيدة السابعة / في حق قمر بني هاشم سيدنا أبي الفضل العباس عليه السلام