ليلة يذهل الزمان لديها

صمتَ الدهرُ ، واستكانَ المساءُ   وهو يخشى ما تحملُ الظلماءُ
بينَ خَيْماتِهِمْ وتلكَ السرايا   أبْدَتِ الأرضُ خوفَها والسماءُ
ها هنا النورُ هامساً في صلاةٍ   ذاب فيها الوجدانُ كيفَ يشاءُ
وهناك الظلامُ يُوقِدُ حرباً   لِيسودَ الفُسّاقُ والأدعياءُ
ليلةٌ يَذهَلُ الزمانُ لَديْها   وتَحارُ الأقدارُ والأنواءُ
ونجومُ السماءِ تبكي بصمتٍ   ويُغشّي أقمارَها الاِنطفاءُ
ها هنا يجلسُ الحسينُ ، وترنو   حَولَهُ أعْيُنٌ حيارى ظِماءُ
وبنو هاشمٍ تَهامَسُ سِرّاً :   نحنُ لِلحربِ أهلُها الأقوياءُ
وعلينا تدورُ منها رَحاها   وبِنا دونَ صَحْبِنا الاِصطلاءُ
غيرَ أنَّ الأنصارَ آلتْ تَفانى   دون ساداتِها ... فجاء النداءُ
(( إنني لم أجدْ صِحاباً كصحبي   لا ولا مِثْلَ أهلِ بيتي اكفاءُ ))
هذه ليلةُ الفخارِ ، ولكنْ   بعدها سوف تُستضامُ النساءُ
لا مُعيلٌ ، ولا وَلِيٌّ حَميمٌ   واللياليُّ كُلُّها لأواءُ
ويتامى الرسولِ تُوسَعُ ضرباً   وعلى ظُلمِهِمْ عَدَتْ أعداءُ

تخميس :

محاولة لتخيل ما كان يمر في خاطر الحوراء زينب سلام الله عليها ليلة العاشر من المحرم:

اليومَ أسلو بكم ، إذ أنتمُ سَنَدي   لكنْ أخافُ الذي يرسو عليه غدي
أنامُ ليلي ، وعبّاسٌ يشدُّ يدي   وفي غدٍ يتلوّى السوطُ في عضُدي

وليس يَسمعُني إلاّ العِدى شمَتوا

يا ليتَ هذا المسا قد طالَ للأبدِ   ما بين إخوتيَ الأحرارِ أو وَلَدي
ولا أرى في ليالي الأسْرِ مِن أحدِ   يَظَلُّ مِن بَلَدٍ يحدو إلى بلدِ

بِسَبِّنا ، والأعادي سَيْرُها عنَتُ


القصيدة الحادية عشرة / في الوداع العظيم ليلة العاشر من المحرم