يا وجد يثرب

ما لها يثربَ الهُدى والصلاحِ   حيثُ فيها الوجومُ سَدَّ النواحي
مربعَ النورِ والتسابيحِ كانتْ   ومحطَّ الفلاحِ والأفراحِ
منذُ أن شَرَّف النبيُّ ثراها   وهي تزهو على جميعِ البطاحِ
مالَها اليومَ ظَلَّ يثقِلُها الهمُّ   وقد خبّئَ القضا في الصباحِ
الحسينُ العظيمُ إنْ لمْ يُبايعْ   فالمقاديرُ قاسياتُ الجُناحِ
وهْوَ إنْ بايعَ الكفُورَ فلا دينٌ   سيبقى ولا سبيلُ فلاحِ
آهِ يا وَجْدَ يثربٍ وهي ترنو   لحُسينٍ مؤذّناً بالرَواحِ
ذكرياتٌ شفيفةٌ طفحتْ حيرى   فأبكتْ قلوبَ ركْبٍ ضاحِ
يا تُرى هل دَرَتْ بأنْ لا لِقاءٌ   بعدَ هذا الرّحيلِ والاِنتزاحِ
وبأنَّ الحسينَ في الطّفِ يبقى   ظامِئاً سابحاً بفيضِ الجراحِ
وحواليْهِ صحبُهُ قد قضوا صرعى   وأطفالهُ بكتْ في نواحِ
إذ ينادي : (( هلْ مِن مُغيثٍ )) ، ولكنْ   لمْ يجبهُ إلا صدى الأرواحِ
أينَ منهُ محمدٌ وعليٌّ   وبنو هاشمٍ كُماةُ السّلاح

تخميس مناسب لهذه الليلة :

مَن ذا يقولُ لأحمدٍ ولحيدرِ   أنّ الحسينَ قضى بسيفِ المُنكرِ
ظمآنَ ملتهبَ الحَشا في العسكرِ   (والمُسلمونَ بمسْمَعٍ وبمَنْظَرِ

لا منكرٌ منهُمْ ولا متفجّعُ)

أرواحُنا لك قد أطالتْ حُزنها   وعليكَ ما فتئتْ تعاوِدُ أنها
يا ليتَ روحَك ذي تُلامسُ غصنَها   (ما روضةٌ إلاّ تمَنّتْ أنها

لك حفرَةٌ ولخطّ قبْرِك مَضجَعُ)

تخميس آخر :

قلبي لفرْطِ أسى الحسينِ توقدا   وهو ابتسامُ النّورِ ، نبراسُ الهدى
قد غالَ يثربَ خسفُها لما بدا   ( مثلُ ابنِ فاطمةٍ يبيتُ مشردا

ويزيدُ في لذّاتهِ يتنعَّمُ )؟؟!!

سيظلُّ قلبي في أليمِ عذابهِ   يبكي الإمامَ لعُظمِ هولِ مصابهِ
بدمائهِ سيرشُّ رمْلَ تُرابهِ   ( لَمْ يَدْرِ أينَ يُريحُ بُدْنَ رِكابِهِ

فكأنما المَأوى عليهِ محرَّمُ )


القصيدة الثانية / في وداع الإمام الحسين لحرم جده المصطفى المدينة المنورة