ولاؤُك يسعى بي ما زال ساعيا   وحسبي فخرا أن تراني مواليا
قصدتُك والأحداثُ تَتبعُ موكبي   ولم أر منها غير بابك حاميا
بُليتُ بعصرٍ ضاع في الغيِّ رشده   يرى الشرَّ خيرا والمعالي مخازيا
فأنقذ حياتي من زماني فإنه   يحاول أن لا تستقرَّ كما هيا
فقد طلعت آثارُك الغرُّ أنجما   بها عاد تاريخُ الإمامة زاهيا
وفي طوس لما الغيثُ شحَّ سحابُه   وبات الثرى ظامي الجوانح صاديا
وسَّيرك المأمونُ كي تسأل السما   لتُرخي على الغبراء منك العزاليا
ومذ سرت للصحراء واهتزَّ جنبُها   خشوعا وذاب الأفق فيك تفانيا
وأرخت عزاليها السماءُ إجابةً   لأمرك وانسابت على الأرض واديا
هناك دعا المأمونُ يُنقذ عرشه   ويُخفي مقاما منك كالفجر باديا
وأصبح يخشى منك ثورة أمةٍ   اطاعته مهديا وولَّته هاديا
فدسَّ إليك السمَّ في العنب الذي   قضيت به صبرا عن الأهل نائيا
غريبا تُلاقي الموت ظمآن صاديا   كجدِّك مذ لاقاه ظمآن طاويا
تُصارع حرَّ السمِّ كالسبط مذ غدا   يصارع حرَّ المرهفات المواضيا
فلهفي لمولاي الجواد وقد أتى   ليُلقي وداعاً منك للقلب داميا
فأودعته ثقل الإمامة وانتهى   بموتك عهدٌ لم يزل بك ساميا(1)

(1) ـ ديوان الهاشمي (مع النبي وآله (ص)) ص288.