إذا نفحت من جانب الكرخ ريَّاه   هدتنا إليه في الدجى فنحوناهُ
فإن بجنب الكرخ قبرا لسيدِّ   ينالُ له الراجي من السؤل أقصاه
إمامُ هدىً فيه اهتدى كلُّ مهتدٍ   وكان به بدءُ الوجود وإبقاء
وغُيب في تلك الطوامير شخصُه   ونور هداه عمت الكون أضواه
فلم يبلغوا ما أمّلوه فحاولوا   بإزهاقهم نفس الهداية إطفاه
إلى أن قضى بابُ الحوائج نازحا   وما حضرته ولدُه وأحبِّاه
فراح وحمالون تحمل نعشه   وقد أدرك الأعداءُ ما تتمناه
فلم نر نعشا كان سجنا فقد سرى   وأقيادُه ما بارحتهن رجلاه
كأنهمُ آلوا ولو كان ميتا   من السجن لا ينفكُّ حتى بمثواه
وسارت وراء النعش بشرا ولم تسر   لتشييعه والكون زلزل أرجاه
فلهفي له والشمسُ تصهر جسمه   على الجسم مطروحا به حفَّ أعداه
بنفسي إمام الكائنات لفقده   أسىً أصبحت تلك العوالُم تنعاه(1)

(1) ـ شعراء القطيف ص289.