سبحان من أبدع في الإيجاد   بسرِّه المودع في السجاد
أبان سرَّ الحقِّ والحقيقة   بصورةٍ بديعةٍ أنيقه
يفصح عن مقام سرِّ الذات   يعرب عن حقائق الصفات
وفي العبودية والعباده   في غاية السموِّ والسياده
وصبره الجميل في المصائب   وحمله من أعجب العجائب
ونال من ذوي القلوب القاسيه   مالا تطيقه الجبال الراسيه
شاهد بالطف من الضائع   مالا امضَّ منه في الفجائع
شاهد رضَّ هيكل التوحيد   بعاديات الشرك والجحود
رأى اضطرامُ النار في الخباء   وهو خباء العزِّ والإباء
رأى هجوم الكفر والضلاله   على بنات الوحي والرساله
رأى فرارهن في البيداء   وهو عليه أعظم الأرزاء
شاهد في عقائل النبوه   ما ليس في شريعة المروَّه
من نهبها وسلبها وضربها   ولا مجير قطُّ غير ربها
وما رآه في دمشق الشام   أدهى من الكل على الإمام
ولا تسل عمَّا رأى من الأذى   يا حبذا الموت المريحُ حبَّذا
وما انقضى بكاؤه حتى قضى   حياته وهو حليف للرضا
وكيف لا يبكي وقد شاهد ما   بكت به عين السماء بالدما
وفي ذرى العوالم العلويه   اقيمت المآتمُ الشجيه(1)

(1) ـ ديوان محمد حسين الأصفهاني، الموسوم بالأنوار القدسية.