بكى الدينُ والدنيا عليك فافجعا   وفيك أسالا من دم القلب أدمعا
وصلتها بالعدل والفضل فارتمت   سهامُ الردى قلبيهما فتقطعا
فيا ثاوياً في مرقد ودَّت العلىش   على تُربه تحنو من الشوق أضلعا
لقد ثبت الإسلامُ فيك موطّداً   ورزؤُك أوهى جنبه فتضعضعا
قواعدُ بيت الله فيك تدافعت   وجانبُ طور المجد فيك تصدَّعا
فيا دهرُ أرديت الذي بنواله   إذا العامُ أكدى مجدبا عاد ممرعا
أبا حسنٍ كيف الردى حلَّ موقفا   وما ضاق ذرعا مذ دنا منك أذرُعا
فلم يُرد حدُّ السيف عزمك وحده   ولكنه أردى أولي العزم أجمعا
لقد قُتلت فيك الصلاةُ وغُودرت   فرائضُ دين الله حولك صرَّعا
بل انفصمت للدين أوثقُ عروةٍ   وطاح الهدى والعرشُ فيك تزعزعا
وثارت بآفاق السماوات غُبرةٌ   بها الفلك الدوَّارُ حزنا مبرقعا
وأسرع جبريلٌ بترديد صوته   جميع البرايا حين بالرزء قد نعى
تهدم ركن الدين وانطمس الهدى   ودكَّ الردى طوداً من النجم أرفعا
كفى بك فخرا أنَّ جبريل حاملٌ   سريرك من ثقل الحجا قد ترعرعا
ومن خلفه الأملاكُ تندب بالأسى   وتهوي له الأفلاكُ بالطوع خُضَّعا
عجبت لقبر ضمَّ شخصك لحدُه   ومجدُك من صدر الغضا كان أوسعا
فأيُّ فؤاد لم يذب لك حسرةً   وأيُّ مآقٍ لم تسل لك أدمعا(1)

(1) ـ ديوان عبد الحسين الحويزي.