لبس الإسلامُ إبراد السواد   حين أردى المرتضى سيف المرادي
ليلةٌ ما أصبحت إلا وقد   غلب الغيُّ على أمر الرشاد
والصلاح انخفضت أعلامُه   فغدت تُرفع أعلامُ الفساد
ما رعى الغادر شهرَ اللهِ في   حجَّة الله على كل العباد
وببيت الله قد جدَّ له   ساجدا ينشُجُ من خوف المعاد
يا ليالٍ أنزل الله بها   سور الذكر على اكرم هاد
محيت فيك على رغم الهدى   آيةٌ في فضلها الذكر ينادي
قتلوه وهو في محرابه   طاوي الأحشاء عن ماءٍ وزاد
سل بعينيه الدجى هل جفتا   من بكاً أو ذاقتا طعم الرقاد
وسل الأنجم هل أبصرته   ليلةً مضطجعا فوق الوساد
وسل الصبح أهل صادفه   ملَّ من نوحٍ مذيبٍ للجماد
وهو للمحراب والحرب أخٌ   فجفا النوم على لين المهاد
نفسه الحرَّةُ قد عرَّضها   للضبا البيض وللسمر الصعاد
سلبوه وهو في غُرَّتِه   حيث لا حربٌ ولا قَرعُ جلاد
عاقر الناقة مع شقوته   ليس بالأشقى من الرجس المرادي
فلقد عمَّمَ بالسيف فتىً   عمَّ خلق الله طرّاً بالأياد
فبكته الإنسُ والجنُّ معا   وطيور الجوِّ مع وحش البوادي
وبكاه الملأ الأعلى دماً   وغدا جبريلُ بالويل ينادي
هُدِّمت واللهِ أركانُ الهدى   حيث لا من منذرٍ فينا وهاد(1)

(1) ـ رياض المدح والرثاء ص219.