من يُلههِ المرديان المال والأمل   لم يدر ما المنجيان العلمُ والعملُ
خذ رشد نفسك من مرآة عقلك لا   بالوهم من قبل أن يغتالك الأجل
فالعقل معتصمٌ والوهم متَّهمٌ   والعمر منصرمٌ والدهر مرتحل
يا منفق العمر في عصيان خالقه   أفق فأنك من خمر الهوى ثملُ
تعصيه لا أنت في عُصيانه وجلٌ   من العقاب ولا من منِّه خجل
أنفاسُ نفسك أثمان الجنان فهل   تشري به لهبا في الحشر يشتعل
ما عذرُ من بلغ العشرين إن هَجَعَت   عيناه او عاقه عن طاعةٍ كسل
ألا ترى أولياء الله كيف قلت   طيب الكرى في الدياجي منهم المقل
نحف الجسوم فلا يُدرى إذا ركعوا   قسيُّ نبلٍ هم أم ركَّعٌ نبل
خنص البطون طوىً ذُبلُ الشفاه ظماً   عمش العيون بكاً ما عابها الكُحل
إن ينطقوا ذكروا إن يصمتوا فكروا   أو يغضبوا غفروا او يقطعوا وصلوا
ولا يسيل لهم دمعٌ على بشر   إلا على معشرٍ في كربلا قُتلوا
ذاقوا الحتوف بأكناف الطفوف على   رغم الأنوفِ ولم تبرد لهم غُلل
أفدي الحسين صريعا لا ضريح له   إلا صرير نصولٍ فيه تنتصل
والطعن مؤتلفٌ فيه ومختلفٌ   والنحر منعطفٌ والعمر منبتل
والجسم ضربا له بالنجع مختضبٌ   والقلب ملتهبٌ ما بلَّه بلل
والشمر مشتغلٌ في ذبحه عَجِلٌ   والسبط منجدلٌ يدعو ويبتهل
عجبتُ من فتك شمرٍ بالحسين وقد   رقى على الصدر ظلما وهو منتعل
أفدي الحسين طريحا لا ضريح له   وماله غير قاني نحره غسل(1)

(1) ـ رياض المدح والرثاء ص628.