وبقي حبيب محمدٍ بين العدى   فردا يذُبُّ عن الحريم ويمنعُ
كالليث منصلتا إلى أن غاله   سهمُ المنون فخرَّ وهو المرجع
عن سرجه يرنوا إلى فسطاطه   والعين منه تستهلُّ وتدمع
أسفي على النسوان في ذلِّ السبا   إذ لم يعد أحدٌ هنالك يسمع
ومضى الجواد إلى خيام محمحما   ينعى الحسين ودمعُه يتدفَّع
فسمعن رنَّته النساء فقلن قد   وقع الذي كنا له نتوقَّع
فخرجن من فسطاطهنَّ صوارخا   جزعا صراخا للصُّخور يصدِّع
وأتينه والشمر جاثٍ فوقه   بحسامه للراس منه يقطع
فرقى الحسين وقلن ويلك ياعدوَّ   الله ماذا بالمطهّّر تصنع
فاحتزَّ رأس السبط يا لك لوعةً   لم يبق للإسلام شملٌ يجمع
وجرت خيولُهُمُ على جُثمانه   حتى تحطّم صدره والأضلع
يا عين إبكي للحسين وأهله   بدمٍ إذا ما قلَّ منك المدمع
إبكي عليه ورأسه في ذابلٍ   والجسم منه بالسيوف مبَّع
إبكي له ملقىً بلا غسلٍ ولا   كفنٍ ولا نعشٍ هناك يُشيَّع
إبكي لنسوان الحسين حواسرا   في البيد ما فيهنَّ من يتقنع
إبكي لهنَّ يسقن بعد حياته   قسرا وهنَّ إذن عطاشا جوَّع(1)

(1) ـ المنتخب للطريحي ص335.