طفلةٌ بنت أربعٍ أو ثلاثٍ   يشهقُ العِطرُ من عبيره شذاها
هي بنت الحسين لم تعرف اليتم   ولم تدر كيف تنعى أباها
لم تزل تسأل الأرامل والأيتام   عنه ولم تحصِّل مناها
وغفت عينها لتهجع بلواها   وتنسى مصابها وأساها
رأت الوالد العطوف بعينيها   فهبت مذعورةً من رؤاها
وانبرت تشتكي له الذلَّ واليتم   فتذوي القلوب من شكواها
واستفاقت من غفوة الضيم تبكي   وتنادي ولا يجابُ نداها
فاستجاشت عواطفُ الثكل بالـ   ـحزن ضجيجا من أرضها وسماها
وتعالى البكاء واستشرت الآهات   والتاع في النفوس جواها
فاستفزَّ الصراخ نوم يزيدٍ   وهو في قصره فأبدى انتباها
قال ماذا جرى لعائلة الأسر   ألم يُنسها الكرى شجواها
قيل بنت الحسين في حُلُم النوم   رأته فاشتط منها نهانا
فأفاقت تريد شخص أبيها   فهي لم تقتنع بغير مناها
قال ذا رأسه احملوه إليها   فعسى تستعيض عنه عساها
وتناديه: يا أبي أيُّ سيفٍ   جذَّ منك الأوداج حتى براها
يا أبي من تراه خضَّب منك الـ   شيب بالدم من ترى أشقاها
واستجاشت بها العواطف حرّى   يفجر الصخر من شجى نجواها(1)

(1) ـ مقتل الحسين ص297 لمحمد تقي بحر العلوم.