نفسي الفداء لثائرٍ في حقِّه   كالليث ذي الوثبات حين يثور
أضحى يُقيم العدل وهو مهدم   ويُجبر الإسلام وهو كسير
ويذكر الأعداء بطشةَ ربِّهم   لو كان ثمنة ينفع التذكير
وعلى قلوبهم قد انطبع الشقا   لا الوعظ يبلغها ولا التحذير
فنضا ابن حيدر صارما ما سلّه   إلا وسلن من الدماء بحور
فهوى عليهم مثل صاعقة السما   فالرووس تسقط والنفوس تطير
بأبي أبيَّ الضيم صال وماله   إلا المثقَّف والحسام نصير
حتى إذا نفذ القضاء وقُدّر الـ   محتوم فيه وحُتم المقدور
زجت له الأقداء سهم منيةٍ   فهوى لقىً واندك ذاك الطور
وهوَين الويةُ الشريعة نُكَّصا   وتعطَّل التهليل والتكبير
والشمس ناشرةُ الذوائب ثاكلٌ   والأرض ترجف والسماء تمور
بأبي القتيل وغُسلُله عَلَقُ الدما   وعليه من أرج الثنا كافور
ظمآن يعتلج الغليل بصدره   وتبل للخطيِّ منه صدور
وغدت تدوس الخيل منه أضالعا   سرُّ النبيِّ بطيِّها مستور
وثواكل يُشجي الغيور حنينها   لو كان ما بين العداة غيورِ
ما لاحظت عين الهلال خيالها   والشهب تخطُبُ دونها وتفور
فبدا بيوم الغاضرية وجهها   كالشمس يستُرها السنا والنور
فغدت تودُّ لو انها نعيت ولم   ينظر إليها شامتٌ وكفور
وسرت بهنَّ إلى يزيد نجائبٌ   بالبيد تنجُدُ تارةً وتعور
حنت طلاح العيس(1) مسعدةً لها   وبكى الغبيط(2) لها وناح الكور(3)

(1) ـ طلاح العيس: النياق المهزولة.

(2) ـ الغبيط: الرحل يشد عليه الهودج.

(3) ـ الكور: رحل البعير، الدر النضيد ص176.