ما خلت تقعُدُ حتى تُستثار لهم   وأنت أنت وهم فيما جنوه هم
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا   ولا وحلمك إن القوم ما حلموا
لا صبر أو تضع الهيجاء ما حملت   بطلقةٍ معها ماء المخاض دم
هذا المحرَّمُ قد وافتك صارخةً   مما استُحلت به أيامه الحرم
يملأن سمعك من أصوات ناعيةٍ   في مسمع الدهر من إعوالها صمم
تنعى إليك دماءً غاب ناصرُها   حتى اريقت ولم يُرفع لكم علم
حنت وبين يديها فتية شربت   من نحرهم نصب عينيها الظبى الخذم
ولا غضاضة يوم الطفِّ إن قتلوا   صبرا بهيجاء لم تثبت لها قدم
فالحرب تعلم إن ماتوا بها فلقد   ماتت بها منهم الأسياف لا الهمم
أبكيهم بعوادي الخيل إن ركبت   رؤوسها لم تُكفكف عزمها اللجم
وحائراتٍ أطار القوم أعينها   رعبا غداة علها خدرها هجموا
كانت بحيث عليها قومُها ضربت   سُرادُقا أرضه من عزِّهم حرم
فغودرت بين أيدي القوم حاسرةً   تسبى وليس لها من فيه تعتصم
نعم لوت جيدها بالتعب هاتفةً   بقومها وحشاها ملؤهُ ضرم(1)

(1) ـ ديوان السيد حيدر الحلي ص103/107.