أعاتب الدهر لو رقَّت جوانبه   لعاتبٍ قد براه الوجد والنصب
أين الزمان وإسعاف المحبِّ بما   يهوى وكيف تُرجَّى عنده الأرب
والدهر حربٌ لأهل الفضل ما بَرِحَت   صروفه تنتحيهم أين ما ذهبوا
أخنى على عترة الهادي ففرقهم   فأصبح الدين يبكيهم وينتحب
جلوا فجل مصابٌ حلَّ ساحتهم   تأتي الكرام عن مقدارها النوب
أغرى الظلال بهم أبناه فانتهبوا   جسومهم بحدود البيض واستلبوا
غالوا الوصيَّ وسموا المجتبى حسنا   وأدركوا من حسن تأر ما طلبوا
نفسي الفداء له والسمر واردةٌ   من صدره والمواضي منه تختضب
مضرَّج الجسم ما بلَّت له غللٌ   حتى قضى وهو ظمآن الحشى سغب
دامي الجبين تريب الخدِّ منعفرٌ   على الثرى ودم الأوداج منسكب
مغسلٌ ينجيع الطعن كفَّنه   ذاري الرياح ووارته القنا السلب
لو تعلم البيض من أردت مضاربها   نبت وفلَّ شباها الروع والرهب
ولو درت عاديات الخيل من وطأت   أشلاءه لاعتراها العُقرُ والنَقَبُ
لله أيُّ دمٍ للمصطفى سفكوا   وأيُّ نفسٍ زكت للمرتضى اغتصبوا
وكم عقيلة خدرٍ للبتول سرت   بها أضالع لم يشدد لها قتب
حسرى مسلبة الأستار تسترها   من العفاف برودٌ حين تُستَلب(1)

(1) أدب الطف 7 ص297.