أدار الحيِّ باكرك الغمامُ   وإن أقوى محلك والمقام
ولو لم تنزف الأشجان دمعي   لقلت سقتك أدمعي السجام
مررت بدارهم فاستوقففني   على الدار الصبابة والغرام
فيا عهد الأنيس عليك مني   وإن حلت التحية والسلام
أسائلها ولي قلب كليم   وهل تدري المنازل ما الكلام
أعائدةٌ لنا أيام وصلٍ   فينعم بالوصال المستهام
متى يسلو صبابته كئيبٌ   بليته اللواحظ والقوام
إذا ملك الهوى قلب المعنى   فأيسر ما يعانيه الملام
يهيج لي الغرام شذى نسيمٍ   يشمُّ ورمض بارقةٍ تشام
ويقدح لي الأسى يومٌ أصيبت   به أبناء فاطمة الكرام
وخطبٌ فادحٌ في كل قلبٍ   بفادحة الجوى فيه ضرام
أيخضب بالسهام وبالمواضي   محياً دونه البدر التمام
فليت البيض قد فلَّت شباها   وطاشت عن مراميها السهام
كأنك منهل والبيض ظمأى   لها في ورد مهجتك ازدحام(1)

(1) ديوان أبي المحاسن ص191/192.