ولقد وقفت على منازل من   أهوى وفيض مدامعي غمر
وسألتُها لو أنها نطقت   أم كيف ينطق من منزلٌ قفر
يا دار هل لك بالأولى رحلوا   خبر وهل لمعالم خبر
أين البدور بدورُ سعدك يا   مغنىً وأين الأنجم الزهر
أين الكماة ومن اكفهم   في النائبات لمعسر يسر
ذهبوا فما وأبيك بعدهم   للناس تبيانٌ ولا زبر
تلك المحاسن في القبور على   مرّ الدهور هوامدٌ دثر
أبكي اشتياقا كلما ذكروا   وأخو الغرام يهيجه الذكر
وأنا الغريب الدار عن وطني   وعلى اغترابي ينقضي العمر
يا واقفا في الدار مفتكرا   مهلا فقد أودى بي الفكر
هلا صبرت على مصابهم   وعلى المصيبة يحمد الصبر
وجعلت رزءك في الحسين ففي   رزء ابن فاطمةٍ لك الأجر
بأبي الذي أكفانه نسجت   من عِثيرٍ وحنوطه عفر
ومغسَّلات بدم الوريد فلا   ماءٌ اعدَّ له ولا سدر
بدر هوى من أوجه فبكى   لخمود نور ضيائه البدر
أيموت ظمآنا حسين وفي   كلتا يديه من الندى بحر(1)

(1) رياض المدح والرثاء ص23.