خليليَّ هل من وقفةٍ لكما معي   على جدثٍ أسقيه صيِّبَ أدمعي
خليليَّ هبَّا فالرقاد محرَّمٌ   على كل ذي قلبٍ من الوجد موجع
هلما معي نعقر عناك قلوبنا   إذا الحزنُ أبقاها ولم تتقطع
هلما نُقِم بالغاضرية مأتما   لخير كريم بالسيوف موزَّع
فتى ادركت فيه علوج أميةٍ   مراما فأردته ببيداء بلقع
فتىً حلَّقت فيه قوادم عزِّه   لِأعلى ذرى المجد الأثيل وأرفع
ولما دعته للكفاح أجابها   بأبيض مشحوذٍ وأسمر مشرع
وآساد حربٍ غابها أجم القنا   وكلُّ كميٍّ رابط الجأش أروع
إلى أن دعاهم ربهم للقائه   فكانوا إلى لقياء أسرع من دعي
وخروا لوجه الله تلقا وجوههم   فمن سجَّدٍ فوق الصعيد وركع
وكم ذات خدرٍ سجَّفتها حماتُها   بسمر قناً خطيةٍ وبلمَّع
لقد نهبت كفُّ المصاب فؤادها   وأيدي عداها كل بردٍ وبُرقع
فلم تستطع عن ناظريها تسترا   بغير أكفٍّ قاصرات وأذرع
وقد فزعت مذ راعها الخطب دهشةً   وأوهى القوى منها إلى خير مفزع
فلما رأته بالعراء مجدَّلا   عفيرا على البوغاء غير مشيَّع
دنت منه والأحوان تمضغ قلبها   وحنّت حنين الواله المتفجِّع
عليّ عزيزٌ أن تموت على ظماً   وتشرب في كأسٍ منالحتف مترع(1)

(1) البابليات ج4 ص109.