فما عذر مثلي حين ادعى بموقفٍ   وقد ملئت من سيآتي صحيفتي
فحتام يا من عاش في لُجَّةِ الهوى   تبارز ربا عالما بالسريرة
تيقظ هداك الله من رقدة الهوى   فانك منقول إلى ضيق حفرة
تمسكت بالدنيا غرورا كمثلها   تمسُّك ضامٍ من سرابٍ بقيعة
أليست هي الدار التي طال همُّها   فكم أضحكت قدما أناسا وأبكت
وكم قد أهانت من عزيز بغدرها   وكم فجعت من فتية علوية
هم عترة المختار أكرم شافعٍ   وأكرم مبعوث إلى خير أمَّة
بنفسي بدور منهم قد تغَّيبت   محاسنها في كربلا أيَّ غيبة
بنفسي وأهلي والتليد وطارفي   وكل الورى أفدي قتيل أمية
فنادى ألا هل من مجير يُجيرنا   وهل ناصرٌ يرجو الإله بنصرتي
ولم أنسه يوم الطفوف وقد غدا   يكرُّ عليهم كرةً بعد كرة
إلى أن هوى فوق الصعيد مجدَّلا   فأظلمت الدنيا له واقشعرَّت
وما أنسى لا أنسى النساء بكربلا   حيارى عليهنَّ المصائب صبَّت
ولما رأين المهر وافى وسرجه   خلياً توافت بالنحيب ورنَّت
تقول ودمع العين يسبق نطقها   وفي قلبها نار المصائب شبَّت
أخي يا هلالا غاب بعد كماله   فأضحى نهاري بعده مثل ليلتي(1)

(1) أدب الطف ج6 ص126/127.