وقام لسان الله يخطب واعظا   فصمُّوا لما عن قدس أنواره عموا
وقال انسبوني من أنا اليوم وانظروا   حلالا لكم مني دمي أم محرَّم
فما وجدوا إلا السهام بنحره   تراش جوابا والعوالي تقوَّم
ومذايقن السبط انمحى دين جدِّه   ولم يبق بين الناس في الأرض مسلم
فدى نفسه في نصرة الدين خائضاً   عن المسلمين الغامرات ليسلموا
وقال خذيني يا حتوف وهاك يا   سيوف فأوصالي لك اليوم مغنم
وهيهات أن أغدوا على الضيم جاثما   ولولا على جمر الأسنة مجثم
وكرَّ وقد ضاق الفضا وجرى القضا   وسال بوادي الكفر سيلٌ عرمرم
ومذ خرّ بالتعظيم لله ساجدا   له كبروا بين السيوف وعظَّموا
وجاء إليه الشمر يرفع سيفه   فقام به عنه السنان المقوَّم
وزُعزع عرش الله وانحطَّ نوره   فأشرق وجه الأرض والكون مظلم
فلهفي له فردا عليه تزاحمت   جموع العدى تزداد جهلا فيحلم
ولهفي له ظامٍ يجود وحوله   الفرات جرى طامٍ وعنه يحرَّم
ولهفي على اعظاك يا ابن محمدٍ   توزَّعُ في أسيافهم وتسهَّم
فجسمك ما بين السيوف موزَّعٌ   ورحلك ما بين الأعادي مقسَّم
فلهفي على ريحانة الطهر جسمه   لكل رجيم بالحجارة يرجم(1)

(1) ديوان شعراء الحسين (ع) ص30.