كأنّ معقري مهجٍ كرامٍ   هنالك يعقرون بها العباطا
فقل لنبي زياد وآل حرب   ومَن خلطوا بغدرهم خلاطا :
دماؤكم لكم ولهم دماء   ترويها سيوفكم البَلاطا
كلوها بعد غصبكم عليها ان   تهاباً وازدراداً واستراطا
فما قدّمتم إلا سَفاهاً   ولا أُمرتم إلا غلاطا
ولا كانت من الزمن المُلحّى   مراتبكم به إلا سفاطا
أنحو بني رسول الله فيكم   تقودون المسوّمة السلاطا ؟
تثار كما أثرتَ الى معينٍ   لتكرع من جوانبه الغَطاطا
وما أبقَت بها الروحات إلا   ظهوراً أو ضلوعاً او ملاطا
وفوق ظهورها عُصَبٌ غضابٌ   إذا أرضيتم زادوا اختلاطا
وكل مرفّع في الجو طاطٍ   ترى أبداً على كنفيه طاطا(1)
إذا شهد الكريهة لا يبالي   أشاط على الصوارم أم أشاطا
وما مد القنا إلا وخيلت   على آذان خيلهم قِراطا
وكم نِعَم لجدّهم عليكم   لقينَ بكم جحوداً أو غماطا
هُم أتكوا مرافقكم وأعطوا   جنوبكم النمارقَ والنماطا
وهم نشطوكم من كل ذُل   حَللتم وسط عَقوتِه انتشاطا
وهم سدوا مخارمكم ومدوا   على شجرات دوحكم اللياطا
ولولا أنهم حدبوا عليكم   لما طُلتم ولا حزتم ضغاطا(2)
فما جازيتم لهم جميلاً   ولا أمضيتم لهم اشتراطا
وكيف جحدتم لهم حقوقاً   تبين على رقابكم اختطاطا ؟
وبين ضلوعكم منهم تراتٌ   كمرخِ القيظِ أُضرم فاستشاطا
ووتر كلما عمدت يمين   لرقعِ خروقِه زدن انعطاطا
فلا نسبٌ لكم أبداً اليهم   وهل قربى لمن قطع المناطا ؟
فكم أجرى لنا عاشور دمعاً   وقطّع من جوانحنا النياطا
وكم بتنا به والليل داج   نُميط من الجوى ما لن يُماطا
يُسقّينا تذكره سماماً   ويولجنا توجّعه الوراطا
فلا حديت بكم أبداً ركابٌ   ولا رُفعت لكم أبدا سياطا
ولا رفع الزمان لكم أديماً   ولا ازددتم به إلا نحطاطا
ولا عرفت رءوسكم ارتفاعاً ولا ألِفت قلوبكم اغتباطا
ولا غفر الإله لكم ذنوباً   ولا جُزتم هنالِكم الصراطا

(1) الطاط : الشجاع ، والباشق من الطيور .

(2) الضغاط : جمع الضغيطة وهي النبتة الضعيفة .