أصالة الرأي صانتني عن الخطل   وحلية الفضل زانتني لدى العطل
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع   والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيم الإقامة بالزوراء لا سكني   بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
ناء عن الأهل صفر الكف منفرد   كالسيف عري متناه من الخلل
فلا صديق إليه مشتكى حزني   ولا أنيس إليه منتهى جذلي
طال اغترابي حتى حن راحلتي   ورحلها وقرى العسالة الذبل
وضج من لغب نضوي وعج لما   يلقى ركابي ولج الركب في عذلي
أريد بسطة كف أستعين بها   على قضاء حقوق للعلى قبلي
والدهر يعكس آمالي ويقنعني   من الغنيمة بعد الكد بالقفل
حب السلامة يثني هم صاحبه   عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً   في الارض أو سلماً في الجو فاعتزل
ودع غمار العلى للمقدمين على   ركوبها واقتنع منهن بالبلل
يرضى الذليل بخفض العيش يخفضه   والعز بين رسيم الأينق الذلل
فادرأ بها في نحور البيد حافلة   معارضات مثاني التجم بالجدل
إن العلى حدثتني وهي صادقة   فيما تحدث أن العز في النقل
لو أن في شرف المأوى بلوغ منى   لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعا   والحظ عني بالجهال في شغل
لعله إن بدا فضلي ونقصهم   لعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أرقبها   ما أضيق العيش لو لا فسحة الأمل
لم أرتض العيش والأيام مقبلة   فكيف أرضى وقد ولت على عجل
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها   فصنتها عن رخيص القدر مبتذل
وعادة النصل أن يزهو بجوهره   وليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أؤثر أن يمتد بي زمني   حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شوطهم   وراء خطوي إذا أمشي على مهل
هذا جزاء أمرىء أقرانه درجوا   من قبله فتمنى فسحة الأجل
وإن علاني من دوني فلا عجب   لي أسوة بانحطاط الشمس عن زجل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر   في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك أدنى من وثقت به   فحاذر الناس واصحبهم على دخل
وإنما رجل الدنيا وواحدها   من لا يعول في الدنيا على رجل
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت   مسافة الخلف بين القول والعمل
وحسن ظنك بالأيام معجزة   فظن شراً وكن منها على وجل
وشان صدقك عند الناس كذبهم   وهل يطابق معوج بمعتدل
إن كان ينجع شيء في ثباتهم   على العهود فسبق السيف للعذل
يا وارداً سؤر عيش كله كدر   أنفقت عمرك في أيامك الأول
فيم اعتراضك لج البحر تركبه   وأنت يكفيك منه مصة الوشل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا   تحتاج فيه إلى الأنصار والخول
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها   فهل سمعت بظل غير منتقل
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً   أنصت ففي الصمت منجاة من الزلل
قد رشحوك لأمر إن فطنت له   فأرباً بنفسك أن ترعى مع الهمل