تصبر معين الملك إن عن حادث   فعاقبه الصبر الجميل جميل
ولا تيأسن من صنع ربك إنني   ضمين بأن الله سوف يديل
فإن الليالي إذ يزول نعيمها   تبشر أن النائبات تزول
ألم تر أن الليل بعد ظلامه   عليه لإسفار الصباح دليل
وأن الهلال النضو يقمر بعدما   بدا وهو شخت الجانبين ضئيل (1)
فلا تحسبن الدوح يقلع كلما   يمر به نفح الصبا فيميل
ولا تحسبن السيف يقصف كلما   تعاوده بعد المضاء كلول
فقد يعطف الدهر الأبي عنانه   فيشفى عليل أو يبل غليل
ويرتاش مقصوص الجناحين بعد ما   تساقط ريش واستطار نسيل (2)
ويستأنف الغصن السليب نضارة   فيورق ما لم يعتوره ذبول
وللنجم من يعد الذبول استقامه   وللحظ من بعد الذهاب قفول
وبعض الرزايا يوجب الشكر وقعها   عليك وأحداث الزمان شكول
ولا غرو أن أخنت عليك فإنما   يصادم بالخطب الجليل جليل
وأي قناة لم ترنح كعوبها   وأي حسام لم تصبه فلول
أسأت إلى الأيام حتى وترتها   فعندك أضغان لها وتبول (3)
وما أنت إلا السيف يسكن غمده   ليشقى به يوم النزال قتيل
أما لك بالصديق يوسف أسوة   فتحمل وطء الدهر وهو ثقيل
وما غض منك الحبس والذكر سائر   طليق له في الخافقين ذميل (4)
فلا تذعنن للخطب آدك (5) ثقله   فمثلك للأمر العظيم حمول
ولا تجزعن للكبل مسك وقعه   فإن خلاخيل الرجال كبول
وإن امرء تعدو الحوادث عرضه   ويأسى لما يأخذنه لبخيل

(1) النضو: المهزول، والشخت الضامر عن غير هزال.

(2) النسيل: ما يسقط من الريش.

(3) التبول جمع التبل: هو الثأر.

(4) الذميل: السير اللين.

(5) آدك: اثقلك وأجهدك.