يا دارُ دارَ الصَوم القُوّم   كيف خلا أفقك من أنجم
عهدي بها يرتع سكّانُها   في ظلّ عيشٍ بينها أنعَم
لم يُصبحوا فيها ولم يغبُقوا   إلا بكأسى خمرَة الأنعَم
بكيتها من أدمُعٍ لو أبَت   بكيتها واقعة من دم
وعُجت فيها راثياً أهلها   سَواهم الأوصال والمَطلم
نَحَلن حتّى حالهنّ السُرى   بعض بقايا شَطَنٍ مُبرَم
لم يدعِ الإسآدُ هاماتها   إلا سقيطاتٍ على المَنسٍم
يا صاحبي يوم أزالَ الجَوى   لحمى بخّدى عن الأعظم
«داويت» ما أنت به عالمٌ   ودائي المعضل لم تعلم
ولستُ فيما أنا صَبّ به ،   مَن قَرَن الساليَ بالمُغرَم ؟
وَجدى بغير الظن سيّارةً   من مَخرِم ناء إلى مَخرم
ولا بلفّاء هضيم الحشا   ولا بذات الجيد والمعصَم
فاسمع زفيرى عند ذكر الأُلى   بالطفّ بين الذئب والقشعم
طَرحى فإمّا مقعَص بالقنا   أو سائل النفس على مخذَم
نَثرٌ كدُرٍ بَدَدٍ مُهمَلٌ   لغفلة السلك فلم يُنظَم
كأنّما الغَبراء مَرميّة   من قبل الخضراء بالأنجُم
دُعوا فجاءوا كَرَماً منهم   كم غرّ قوماً قَسَم المُقسم
حتى رأوها أخريات الدجى   طوالعاً من رَهَجٍ أقتَم
كأنهم بالصّم مطرورة   لمنجد الأرض على مُتهِم
وفوقها كلّ مغَيظ الحشا   مُكتَحل الطرف بلون الدم
كأنه من حَنَقٍ أجدَلٌ   أرشده الحرص إلى مَطعم
فاستقبلوا الطعنَ إلى فتيَةٍ   خوّاض بحرالحذر المفعَم
من كلّ نهّاضٍ بثقل الأذى   موكّل الكاهل بالمُعظَم
ماضٍ لِما أمّ فلو جاد في ال   هيجاء بالحوباء لم يَندم
وكالفٍ بالحرب لو أنه   أُطعم يوم السّلم لم يطعمِ
مثلّم السيف ومن دونه   عرض صحيح الحد لم يثلم
فلم يزالوا يُكرعون الظبا   بين تراقي الفارس المُعلم
فمثخَنٌ يحملُ شهّاقة   تحكى لراءِ فُغرةَ الاعلم
كأنما الوَرس بها سائل   أو أنبتت من قُضُبِ العَندَم
ومستزلّ بالقنا عن قَرا   عبل الشوى أو عن مَطا أدهم
لو لم يكيدوهم بها كيدة   لانقلبوا بالخزى والمرغم
فاقتضبت بالبيض أرواحهم   في ظل ذاك العارض الأسحم
مصيبةٌ سيقت إلى أحمدٍ   ورَهطِهِ في الملأ الاعظم
رزءٌ ولا كالرُزء من قبله   ومؤلمٌ ناهيك من مؤلم
ورميةٌ أصمت ولكنها   مصميةٌ من ساعدٍ أجذم
قل لبني حربِ ومن جمعوا   من جائرٍ عن رشده أوعم
وكلّ عان في إسارى الهوى   يُحسب يَقظان من النوم
لا تحسبوها حُلوةً إنها   أمرّ في الحلق من العلقم
صرّعهم أنهم أقدموا   كم فُدي المحجم بالمقدم
هل فيكم إلا أخو سَوءَةٍ   مُجرّحُ الجلد من اللُوّم
إن خاف فقراً لم يجُد بالندى   أو هاب وشكَ الموت لم يُقدم
يا آل ياسين ومَن حُبهم   منهجُ ذاك السنن الأقوم
مهابطُ الأملاكِ أبياتهم   ومُستقر المنزل المُحكم
فأنتم حُجة رب الورى   على فصيح النطق أو أعجم
وأين ؟إلا فيكم قُربةٌ   الى الاله الخالق المنعم
والله لا أخليتُ من ذكركم   نَظمي ونثري ومرامي فمي
كلا ولا أغبَبتُ أعداءكم   من كّلمي طوراً ومن أسهمي
ولا رُئي يوم مصاب لكم   منكشفاً في مشهدٍ مَبسمي
فإن أرغب عن نصركم برهة   بمرهفات لم أغب بالفم
صلى عليكم ربّكم وارتوت   قبوركم من مسبل مُثجم
مقعقع تُخجل اصواته   أصوات ليث الغابة المرزم
وكيف أستسقي لكم رحمة   وأنتم رحمة للمجرم؟