من عذيرى من سَقامٍ   لم أجد منه طبيبا
وهمومٍ كأوار ال   نّار يسكنّ القلوبا
وكروبٍ ليتهنّ الي   وم أشبهن الكروبا
وخطوبٍ معضلاتٍ   بتن ينسين الخطوبا
شيبت مني فود   ى ولم آتِ المشيبا
ورمت في غصني إليب   س وقد كان رطيبا
بان عني وتناءى   كل مَن كان قريبا
وتعرّيتُ من الاحب   اب في الدنيا عزوبا
وسقاني الدهر من فر   قة من أهوى ذَنوبا
إن يوم الطف يوم   كان للدين عصيبا
لم يدع في القلب مني   للمسرّات نصيبا
إنه يوم نحيبٍ   فالتزم فيه النحيبا
عطّ تامورك واترك   معشراً عطّوا الجيوبا(1)
واهجر الطيب فلم يترك   لنا عاشور طيبا
لعن الله رجالاً   أترعوا الدنيا غُصوبا(2)
سالموا عجزاً فلما   قدروا شنّوا الحروبا
في المعرّات يهب   ون شمالاً وجنوبا
كلما ليموا على عيبهم   ازدادوا عيوبا
ركبوا أعوادنا ظلما   وما زلنا ركوبا
ودعونا فرأوا م   نّا على البعد مجيبا
يقطع الحزن ويطوى   في الدياجير السهوبا
بمطىٍ لا يبالي   ن على الأين الدّءوبا
لا ولا ذقن على البع   د كلالاً ولغوبا
وخيولٍ كرِئال ال   دوّ يهززن السبيبا(3)
فأتتونا بجموعٍ   خالها الراءون روبا(4)
بوجوه بعد إسفا   رٍ تبرقعن العطوبا
فنشبنا فيهم كر   هاً وما نهوى النشوبا
بقلوبٍ ليس يع   رفن خفوقاً ووجيبا
ولقد كان طويل ال   باع طعّاناً ضروبا
بالضبا ثم القنا يف   رى وريداً وتريبا
لا يرى والحربُ تُغلى   قدرُها منها هيوبا
فجرى منّا ومنهم   عندم الطّعن صبيبا
وصلينا من حريق ال   طعن والضرب لهيبا
كان مرعانا خصيباً   فبهم عادَ جديبا
لم نكن نألذف لولا   جورهم فينا خطوبا
لا ولا تبصر عين   في ضواحينا ندوبا(5)
طلبوا أوتار «بَدر»   عندنا ظلماً وحوبا
ورأوا في ساحة ال   طف وقد فات القليبا
قد رأيتم فأرونا   منكم فرداً نجيبا
أو تقياً لا يرائى   بتقاه أو لبيبا
كلما كنّا رءوساً   للورى كنتم عجوبا(6)
ما رأينا منكم بالح   ق إلا مستريبا
وصدوقاً فإذا فتّش   ته كان كذوبا
وخليعاً خالياً عن   مطمع الخير عزوبا
وبعيداً بمخازي   هِ وإن كان نسيبا
ليت عوداً من غَشومٍ   حقّنا كان صليبا
وبودّى أن أنّ مَن يأ   صلنا كان ضريبا
في غدٍ ينضب تيّا   رُ لكم فينا نضوبا
ويقئ الباردَ السل   ال مَن كان عبوبا
ويعود الخَلقُ الرّث   من الأمر قشيبا
والذي أضحى وأمسى   ناكباً يضحى نكيبا
آل ياسين ومَن فض   لهم أعيا اللبيبا
أنتم أمني لدى الحش   ر إذا كنت نخيبا(7)
انتم كشّفتم لي   بالتباشير الغيوبا
كم رددتم مخلباً ع   ني حديداً ونيوباً
وبكم «أنجو» إذاعو   جلتُ موتاً أن أنوبا
واليكم جَمحاني   ما حدا الحادون نيبا
وعليكم صلواتي   مشهداً لي ومغيبا
يا سقى الله قبوراً   لكم زِنّ الكثيبا
حُزنَ خير الناس جدّاً   وأباً ضخماً حسيبا
لقي الله وظنّ الن   اس أن لاقى شعوبا
وهو في الفردوس لمّا   قيل قد حلّ الجبوبا

(1) عط : شق ، والتامور : غشاء القلب .

(2) اترعوا : ملأوا ، والغصوب الظلم .

(3) الرئال : فرخ النعام ، والدو : المفازة . والسبيب : شعر عرف الفرس أو اذنيه .

(4) الروب : القطع من الليل .

(5) الندوب هو اثر الجرح .

(6) العجوب : جمع العجب وهو العقب أو العجز .

(7) النخيب : الخائف .