سلا مَن سلا : مَن بنا استبدلا   وكيف محا الآخر الأولا
وأي هوىً حادث العهد أم   س أنساه ذاك الهوى المُحولا ؟
وأين المواثيق والعاذلات   يضيق عليهنّ أن تعذلا ؟
أكانت أضاليل وعدِ الزما   ن أم حلم الليل ثم انجلى ؟
وممّا جرى الدمع فيه سؤا   ل مَن تاه بالحسن أن يسألا
أقول «برامة» : يا صاحبي   مَعاجاً وإن فعلا : أجملا
قفا لعليل فإن الوقوف   وإن هو لم يشفه علّلا
بغربي «وجرةَ» ينشدنه   وإن زادنا صلةً منزلا
وحسناء لو أنصفت حسنها   لكان من القبح أن تبخلا
رأت هجرها مرخصا من دمي   على النأى علقاً قديماً غلا
ورُبّت واشٍ بها منبضٍ   أسابقه الردّ أن يُنبلا
رأى ودّها طللا ممحلا   فلفّق ما شاء أن يَمحَلا
وألسنة كأعالي الرماح   رددتُ وقد شرعت ذيلا
ويأبى «لحسناءَ» إن أقبلت   تعرّضها قمراً مقبلا
سقى الله «ليلاتنا بالغوي   ر» فيما أعلّ وما أنهلا
حياً كلما أسبلت مقلة   حنينا له عبرة أسبلا
وخصّ وإن لم تعد ليلةً   خلت فالكرى بعدها ما حلا
وفي الطيف فيها بميعاده   وكان تعوّد أن يمطلا
فما كان أقصر ليلي به   وما كان لو لم يزر أطولا
مساحبُ قصّر عني ا لمشي   بُ ما كان منها الصّبا ذيّلا
ستصرفني نزوات الهمو   م بالأرَب الجِدّ أن أهزلا
وتنحتُ من طرفي زفرة   مباردها تأكل المنصلا
وأغرى بتأبين آل النب   يّ إن نسّب الشعر أو غزّلا
بنفسي نجومهم المخمَداتِ   ويأبى الهدى غير أن تشعَلا
وأجسام نور لهم في الصعي   دِ تملؤه فيضيء الملا
ببطن الثرى حملُ ما لم تطق   على ظهرها الأرض ان تحملا
تفيض فكانت ندىً أبحرا   وتهوي فكانت عُلاً أجبلا
سل المتحدي بهم في الفخا   ر ، أين سمت شرفات العلا :
بمن باهل الله أعداءه   فكان الرسول بهم أبهلا ؟
وهذا الكتاب وإعجازه   على مَن ؟وفي بيت مَن ؟ نزّلا
«وبدر» و «بدر» به الدين ت   مّ مَن كان فيه جميلَ البلا ؟
ومَن نام قوم سواه وقام ؟   ومَن كان أفقّه أو أعدلا
بمن فصل الحكم يوم «الحنين»   فطبق في ذلك المفصلا ؟
مساعٍ أطيل بتفصيلها   كفى معجزاً ذكرها مجملا
يمينا لقد سلّط الملحدون   على الحق أو كاد أن يبطلا
فلولا ضمان لنا في الطهور   قضى جَدلُ القول أن نخجلا
أألله يا قوم يقضي «النبي»   مطاعاً فيعصى وما غسّلا !
ويوصي فنخرُص دعوى علي   ه في تركه دينَه مهمَلا !
وتجتمعون على زعمهم   وينبيك «سعدٌ» بما أشكلا !
فيعقب إجماعهم أن يبي   ت مفضولهم يقدُم الأفضلا
وأن ينزع الأمر من أهله   لأنّ «علياً» له أُهّلا
وساروا يحطّون في آله   بظلمهم كلكلا كلكلا
تدّب عقارب من كيدهم   فتفنيهم أوّلاً أوّلا
أضاليل ساقت صاب (الحسين)   وما قبل ذاك وما قد تلا
«أميّة» لابسة عارَها   وإن خفى الثأر أو حُصّلا
فيوم «السقيفة» يابن النب   يّ طرّق يومك في «كربلا»
وغصبُ أبيك على حقّه   وأمّك حَسّنَ أن تُقتَلا
أيا راكباً ظهر مجدولةٍ   تُخالُ اذا انبسطت أجدلا
شأت أربع الريح في أربعٍ   اذا ما انتشرن طوين الفلا
اذا وكلت طرفها بالسما   ء خيل بادراكها وكّلا
فعزّت غزالتها غُرةً   وطالت غزال الفلا أيطلا(1)
كطيتك في منتهى واحد   لتدركَ يثربَ أو مرقلا
فصل ناجيا وعليّ الأمانُ   لمن كان في حاجة موصلا
تحمّل رسالة صبٍ حملت   فنادِ بها «أحمدَ» المرسلا
وحيّ وقل : يا نبي الهدى   تأشَب نهجُك واستوغلا
قضيتَ فأرمضنا ما قضيت   وشرعك قد تمّ واستكملا
فرام ابن عمّك فيما سنن   تَ أن يتقبّل أو يَمثُلا
فخانك فيه من الغادري   ن مَن غيّر الحق أو بدّلا
الى أن تحلّت بها «تيمها»   وأضحت «بنو هاشم» عُطّلا
ولما سرى امرُ «تيمٍ» أطا   ل بيتُ عديٍّ لها الأحبلا
ومدّت «أميةُ» أعناقها   وقد هوّن الخطبُ واستسهلا
فنال «ابن عفّان» ما لم يكن   يظنّ وما نال بل نُوّلا
فقرّ وأنعم عيش يكو   ن من قبله خشناً قلقلا
وقلّبها «أرد شيريةً»   فحرّق فيها بما أشعلا
وساروا فساقوه أو أوردوه   حياض الردّى منهلاً منهلا
ولما امتطاها «عليّ» أخو   ك ردّ الى الحق فاستُثقلا
وجاؤا يسومونه القاتلين   وهم قد ولوا ذلك المقتلا
وكانت هَناةٌ وأنت الخصيم   غداً والمعاجَلُ من أُمهِلا
لكم آل «ياسين» مدحي صفا   وودي حلا وفؤادي خلا
وعندي لأعدائكم نافذا   تُ قولي [ما] صاحبَ المقولا
اذا ضاق بالسير ذرع الرفيق   ملأتُ بهنّ فروجَ الملا
فواقرُ من كل سهمٍ تكون   له كلّ جارحةٍ مقتلا
وهلا ونهج طريق النجاة   بكم لاح لي بعد ما أشكلا ؟
ركبتُ لكم لقمي فاستننتُ   وكنتُ أخابطه مجهلا
وفُكّ من الشرك أسري وكا   ن غلاً على منكبي مقفَلا
أواليكم ما جرت مزنةٌ   وما اصطخب الرعد أوجلجلا
وأبرأُ ممن يعاديكم   فإن البراءة اصل الولا
ومولاكم لا يخاف العقاب   فكونوا له في غدٍ موئلا

(1) الأيطل : الخاصرة