‍‍‌‏‎لله ما صنعت فينا يد البينِ   كم من حشاً أقرحت منا ومن عينِ
‍‍‌‏‎مالي وللبين ؟ لا أهلاً بطلعته   كم فرّق البين قدماً بين إلفينِ؟!
‍‍‌‏‎كانا كغصنين في أصلٍ غذاؤهما   ماء النعيم وفي التشبيه شكلين
‍‍‌‏‎كأنّ روحيهما من حسن إلفهما   روح وقد قسّمت ما بين جسمين
‍‍‌‏‎لا عذل بينهما في حفظ عهدهما   ولا يزيلهما لوم العذولين
‍‍‌‏‎لا يطمع الدهر في تغيير ودّهما   ولا يميلان من عهدٍ إلى مَينِ
‍‍‌‏‎حتى إذا أبصرت عين النوى بهما   خِلّين في العيش من هم خليّين
‍‍‌‏‎رماهما حسدا منه بداهيةٍ   فأصبحا بعد جمع الشمل ضدّين
‍‍‌‏‎في الشرق هذا وذا في الغرب منتئياً   مشرّدين على بُعد شجّيين
‍‍‌‏‎والدهر أحسد شيء للقريبين   يرمي وصالهما بالبعد والبين
‍‍‌‏‎لا تأمن الدهر إن الدهر ذو غيرٍ   وذو لسانين في الدنيا ووجهين
‍‍‌‏‎أخنى على عترة الهادي فشتّتهم   فما ترى جامعا منهم بشخصين
‍‍‌‏‎كأنّما الدهر آلا أن يبدّدهم   كعاتب ذي عناد أو كذي دين
‍‍‌‏‎بعض بطيبة مدفون وبعضهم   بكربلاء وبعض بالغريّين
‍‍‌‏‎وأرض طوس وسامرّا وقد ضمنت   بغداد بدرين حلا وسط قبرين
يا سادتي ألمن أبكي أسىً ؟! ولمن   أبكي بحفنين من عيني قريحين ؟!

 

‍‍‌‏‎

أبكي على الحسن المسموم مضطهدا؟!   أم الحسين لقى بين الخميسين؟
‍‍‌‏‎أبكي عليه خضيب الشيب من دمه   معفّر الخد محزوز الوريدين
‍‍‌‏‎وزينب في بنات الطهر لاطمة   والدمع في خدّها قد خدّ خدّين
‍‍‌‏‎تدعوه : يا واحدا قد كنت أمله   حتى استبدّت به دوني يد البين
‍‍‌‏‎لاعشت بعدك ما إن عشت لانعمت   روحي ولا طعمت طعم الكرا ، عيني
‍‍‌‏‎أنظر إليّ أخي قبل الفراق لقد   أذكا فراقك في قلبي حريقين
‍‍‌‏‎أنظر الى فاطم الصغرى أخي تَرها   لليُتم والسبي قد خصّت بذلّين
‍‍‌‏‎اذا دنت منك ظل الرجس يضربها   فتلتقي الضرب منها بالذراعين
‍‍‌‏‎وتستغيث وتدعو : عمّتا تلفت   روحي لرزئين في قلبي عظيمين
‍‍‌‏‎ضرب على الجسد البالي وفي كبدي   للثكل ضرب فما اقوى لضربين
‍‍‌‏‎أنظر عتليا أسيرا لا نصير له   قد قيّدوه على رغم بقيدين
‍‍‌‏‎وارحمتا يا أخي من بعد فقدك بل   وارحمتا للأسيرين اليتيمين
‍‍‌‏‎والسبط في غمرات الموت مُشتغل   ببسط كفّين أو تقبيض رجلين
‍‍‌‏‎لا زلت أبكي دماً ينهلّ منسجماً   للسيّدين القتيلين الشهيدين
‍‍‌‏‎ألسيّدين الشريفين اللذين هما   خير الورى من أب مجد وجدّين
‍‍‌‏‎ألضارعين الى الله المنيبين   ألمسرعين الى الحق الشفيعين
‍‍‌‏‎ألعالمين بذي العرش الحكيمين   ألعادلين ألحليمين الرشيدين
‍‍‌‏‎ألصابرين على البلوى الشكورين   ألمعرضين عن الدنيا المنيبين
‍‍‌‏‎ألشاهدين على الخلق الإمامين   ألصادقين عن الله الوفيّين
‍‍‌‏‎ألعابدين التقيّين الزكيّين   ألمؤمنين الشجاعين الجريّين
‍‍‌‏‎ألحجّتين على الخلق الأميرين   ألطيّبين الطهورين الزكيّين
‍‍‌‏‎نورين كانا قديما في الظلال كما   قال النبي لعرش الله قرطين
‍‍‌‏‎تفّاحتي احمد الهادي وقد جعل   لفاطم وعليّ الطهر نسلين
‍‍‌‏‎صلى الإله على روحيهما وسقا   قبريهما ابداً نوء السماكين

الى ان يقول فيها :

ما لابن حمّادٍ العبديّ من عمل‌‏‎   إلا تمسّكه بالميم والعين
فالميم غاية آمالي محمّدها   والعين أعني عليّا قرة العين
صلى الإله عليهم كلما طلعت   شمس وما غربت عند العشائين