دعا قلبه داعي الوعيد فاسمعا   وداعي مبادى شيبه فتورعا
وأيقن بالترحال فاعتدّ زاده   وحاذر من عقبى الذنوب فاقلعا
الى كم وحتام اشتغالك بالمنى   وقد مرّ منك الاطيبان فودعا
أيقنع بالتفريط في الزاد عاقل   رأى الرأس منه بالمشيب تقنعا
إذا نزع الانسان ثوب شبابه   فليس يرى إلا الى الموت مسرعا
وشيبك توقيع المنون مقدما   لتغدو لموت في غدٍ متوقعا
أتطمع أن تبقى وغيرك ما بقي   فلست ترى للنفس في العيش مطمعا
تدافع بالآمال عن أخذ إهبة   ليوم اذا ما حمّ لم تغن مدفعا
وتسأل عند الموت ربّك رجعة   وهيهات أن تعطى هنالك مرجعا
أما لك اخوان شهدت وفاتهم   وكنتَ لهم نحو القبور مشيّعا
وانت فعن قرب إلى الموت صائر   وينعاك للاخوان ناع لهى نعى
وكم من أخ قد كنت واريته الثرى   واضجعته بين الأحبة مضجعا
جرت عينه النجلا على صحن خده   فاصبح بين الدود نهبا موزعا
وانت كضيف لا محالة راحل   ومستودع ما كان عندك موعا
تلاقي الذي فرطت فاستدرك الذي   مضى باطلا واصنع من الخير مصنعا
ولا تطلب الدنيا الغرور فانما   هلاكك منها أن تغر وتخدعا
فقد جعلت دار الفجايع والاسى   فلست ترى الا مُرزاً مفجّعا
كفاك نجير الخلق آل محمد   أصابهم سهم المصائب أجمعا
تخطّفهم ريب المنون بصرفه   فأغرب بالارزاء فيهم وأبدعا
وقفت على أبياتهم فرأيتها   خراباً يبابا قفرة الجو بلقعا
وان لهم في عرصة الطف وقعة   تكاد لها الأطواد أن تتزعزعا
غزتهم بجيش الحقد امة جدهم   ولم ترع فيهم مَن لهم كان قد رعى
كأني بمولاي الحسين وصحبه   وجيش ابن سعد حوله قد تجمعا

 

وقد قام فيهم خاطباً قائلا لهم   ولم يك من ريب المنون ليجزعا
ألم تأتني يا قوم بالكتب رسلكم   تقولون عجّل نحونا السير مسرعا
فانا جميعاً شيعة لك لا نرى   لغيرك في حق الامامة موضعا
وقد جئت للعهد الذي لي عليكم   فما عندكم في ذاك قولوا لا سمعا
فقالوا له ما هذه الكتب كتبنا   فقال لهم خلّوا سبيلي لارجعا
فقالوا له هيهات بل لنسوقكم   الى ابن زياد كارهين وخُضّعا
فان لم تجيبوا فالأسنة بيننا   تجرّعكم أطرافها السم منقعا
فقال لهم يا ويلكم فتباعدوا   عن الماء كي نروى فقالوا له معا
سنوردكم حوض الردى قبل ورده   ومالوا عليه بالأسنةُ شرّعا
فبادر أصحاب الحسين اليهم   فرادى ومثنى حاسرين ودرّعا
إذا ما دنوا نحو الشريعة من ظما   رأوا دونها زرق الأسنة مشرعا
لقد صبروا لا ضيّع الله صبرهم   ولم يك عند الله صبر مضيّعا
الى أن ثووا صرعى على الترب حوله   فلله ذاك المصرع الفذّ مصرعا
فهاجوا على المولى وقد ظل وحده   فقل حُمرٌ لاقت هزبراً سميدعا
يشدّ عليهم شدةً علوية   يظل نياط القلب منها مقطعا
كشد أبيه في الهياج وضربه   وهل تلد الشجعان إلا المشجعا
الى أن هوى عن سرجه متعفراً   يلاحظ فسطاط النساء مودّعا
وأقبل شمر الرجس فاحتز راسه   وخلّف منه الجسم شلواً مبضعا
وشال سنان في السنان كريمه   كبدر الدجى وافى من التمّ مطلعا
ومالوا على رحل الحسين وأهله   فيا يومهم ما كان أدهى وأفظعا
فلو تنظر النسوان في ذلة السبا   يسقن على رغم عطاشى وجوّعا
وزينب ما تنفك تدعو باختها   أيا أخت ركني قد وهى وتضعضعا
أيا اخت من بعد الحسين نعدّهُ   لحادثة الايام حصنا ممنعا
أيا اخت هذا اليوم آخر عهدنا   فبعد حسين قط لن نتجمعا
أيا اخت لو أن الذي بي من الاسى   برضوى إذن لا نهدّ أو لتزعزعا
فيا مؤمنا في دينه متشيّعاً   ولا مؤمن إلا الذي قد تشيعا
اتذبح في يوم به ذبح العدى   إمامك فاعثر عفر خديك لالعا
ويألف في عاشور جنبك مضجعا   وترب الثرى أضحى لمولاك مضجعا
ويضحك منك الثغر من بعد ماغدا   به ثغر مولاك الحسين مُقرّعا
وينهب فيه رحل آل محمد   وبيتك فيه لا يزال موسعا
فيا ليت سمعي صم عن ذكر يومه   ويا ليت لم يخلق لي الله مسمعا
سأبكي دما بعد الدموع لفقده   وإن يك لم يترك لي الحزن مدمعا
برئت الى الرحمن ممن شناهم   ولا زلت أبكيهم الى أن اشيعا
ومن ذا يلاحيني ومن ذا يلومني   على بغض من يشنا الشفيع المشفعا
ولائي لهم شفع البرَا من عدوّهم   لذلك أرجوهم غداً لي شُفعا
أو الي الذي سُمّي لكثرة علمه   بطينا كما سمي من الشرك أنزعا
واشنا الذي لم يقض حق محمد   وأجمع أن تلغى الحقوق وتمنعا
ومدح ابن حماد لآل محمد   سيجزي بيوم المرء يجزى بما سعى