‍‍‌‏‎تقول بنو العباس هل فُتحت مصر   فقل لبني العباس قد قُضي الأمر
‍‍‌‏‎وقد جاوز الاسكندرية جوهر   تطالعه البشرى ويقدمه النصر
‍‍‌‏‎وقد أوفدت مصر اليه وفودها   وزيد الى المعقود من جسرها جسر
‍‍‌‏‎فما جاء هذا اليوم إلا وقد غدت   وأيديكم منها ومن غيرها صفر
‍‍‌‏‎فلا تكثروا ذكر الزمان الذي خلا   فذلك عصر قد تقضى وذا عصر
‍‍‌‏‎أفي الجيش كنتم تمترون رويدكم   فهذا القنا العرّاص والجحفل المجر
‍‍‌‏‎وقد أشرفت خيل الإله طوالعا   على الدين والدنيا كما طلع الفجر
‍‍‌‏‎وذا ابن بني الله يطلب وتره   وكان حريّ لا يضيع له وتر
‍‍‌‏‎ذروا الورد في ماء الفرات لخيله   فلا الضحل منه تمنعون ولا الغمر
‍‍‌‏‎أفي الشمس شك انها الشمس بعدما   تجلّت عيانا ليس من دونها ستر
‍‍‌‏‎وما هي إلا آية بعد آية   ونذر لكم إن كان يغنيكم النذر
فكونوا حصيدا خامدين أو ارعووا   الى ملك في كفه الموت والنشر

 

‍‍‌‏‎‍‍‌‏‎

اطيعوا اماما للأيمّة فاضلا   كما كانت الأعمال يفضلها البر
‍‍‌‏‎ردوا ساقيا لا تنزفون حياضه   جموما كما لا ينزف الأبحر الدر
‍‍‌‏‎فان تتبعوه فهو مولاكم الذي   له برسول الله دونكم الفخر
‍‍‌‏‎وإلا فبعدوا للبعيد فبينه   وبينكم ما لا يقرّ به الدهر
‍‍‌‏‎افي ابن ابي السبطين أم في طليقكم   تنزّلت الآيات والسور الغر
‍‍‌‏‎بني نثلة ما أورث الله نثلة   وما ولدت هل يستوي العبد والحر
‍‍‌‏‎وأنى بهذا وهي أعدت برقّها   أباكم فاياكم ودعوى هي الكفر
‍‍‌‏‎ذروا الناس ردوهم الى من يسوسهم   فما لكم في الامر عرف ولا نكر
اسرتم قروما بالعراق اعزّة   فقد فُكّ من اعناقهم ذلك الأسر
‍‍‌‏‎وقد بزكم ايامكم عُصب الهدى   وانصار دين الله والبيض والسمر
‍‍‌‏‎ومقتبل ايامه متهلّل   اليه الشباب الغض والزمن النضر
‍‍‌‏‎أدار كما شاء الورى وتحيزت   على السبعة الأفلاك أنمله العشر
‍‍‌‏‎تعالوا الى حكام كل قبيلة   ففي الأرض اقبال واندية زهر
‍‍‌‏‎ولا تعدلوا بالصيد من آل هاشم   ولا تتركوا فهرا وما جمعت فهر
‍‍‌‏‎فجيئوا بمن ضمّت لؤي بن غالب   وجيئوا بمن ادت كنانة والنضر
‍‍‌‏‎أتدرون متن أزكى اللبريّة منصبا   وأفضلها ان عُدّد البدو والحضر
‍‍‌‏‎ولا تذروا عليا معتد وغيرها   ليُعرف منكم من له الحق والأمر
‍‍‌‏‎ومن عجب ان اللسان جرى لهم   بذكر على حين انقضوا وانقضى الذكر
‍‍‌‏‎فبادوا وعفى الله آثار ملكهم   فلا خبر يلقاك عنهم ولا خُبر
‍‍‌‏‎ألا تلكم الأرض العريضة اصبحت   وما لبني العباس في عرضها فتر
‍‍‌‏‎فقد دالت الدنيا لآل محمد   وقد جرّرت أذيالها الدولة البكر
‍‍‌‏‎ورد حقوق الطالبين مَن ركت   صنائعه في آله وزكا الذخر
معز الهدى والدين والرحم التي   به اتصلت أسبابها وله الشكر

 

‍‍‌‏‎‍‍‌‏‎

من انتاشهم في كل شرق ومغرب   فبدّل أمنا ذلك الخوف والذعر
‍‍‌‏‎فكل إمامي يجيء كأنما   على يده الشعرى وفي وجهه البدر
‍‍‌‏‎ولما تولت دولة النصب عنهم   تولى العمى والجهل واللؤم والغدر
‍‍‌‏‎حقوق أتت من دونها أعصر خلت   فما ردّها دهر عليه ولا عصر
‍‍‌‏‎فجرد ذو التاج المقادير دونها   كما جردت بيض مضاربها حمر
‍‍‌‏‎فانقذها من بُرثن الدهر بعدما   تواكلها القِرس المنيّب والهِصر
‍‍‌‏‎وأجرى على ما أنزل الله قسمها   فلم يتخرّم منه قلّ ولا كثر
‍‍‌‏‎فدونكموها أهل بيت محمد   صفت بمعزّ الدين جمّاتها الكدر
‍‍‌‏‎فقد صارت الدنيا اليكم مصيرها   وصار له الحمد المضاعف والاجر
‍‍‌‏‎إمام رأيت الدين مرتبطا به   فطاعته فوز وعصيانه خسر
‍‍‌‏‎أرى مدحه كالمدح لله إنه   قنوت وتسبيح يُحَطّ به الوزر
‍‍‌‏‎هو الوارث الدنيا ومن خلقت له   من الناس حتى يلتقي القُطر والقُطُر
‍‍‌‏‎وما جهل المنصور في المهد فضله   وقد لاحت الاعلام والسمة البَهر
‍‍‌‏‎رأى أن سيسمى مالك الأرض كلها   فلما رآه قال ذا الصمد الوتر
‍‍‌‏‎وما ذاك أخذا بالفراسة وحدها   ولا أنه فيها الى الظن مضطر
‍‍‌‏‎ولكن موجودا من الأثر الذي   تلقاه عن حبر ضنين به خُبر
‍‍‌‏‎وكنزا من العلم الربوبي انه   هو العلم حقا لا القيافة والزجر
‍‍‌‏‎فبشّر به البيت المحرم عاجلا   اذا أوجف التطواف بالناس والنفر
‍‍‌‏‎وها فكأن قد زاره وتجانفت   به عن قصور الملك طيبة والسر
‍‍‌‏‎هل البيت بيت الله إلا حريمه   وهل لغريب الدار عن اهله صبر
‍‍‌‏‎منازله الأولى اللواتي يشقنه   فليس له عنهنّ مغدى ولا قصر
‍‍‌‏‎وحيث تلقّى جدّه القدس وانتحت   له كلمات الله والسر والجهر
فان يتمنّ البيت تلك فقد دنت   مواقيتها والعسر من بعده اليسر

 

‍‍‌‏‎

وإن حنّ من شوق اليك فانّه   ليوجد من رياك في جوّه نشر
‍‍‌‏‎ألست ابن بانية فلو جئته انجلت   غواشيه وابيضّت مناسكه الغبر
‍‍‌‏‎حبيب الى بطحاء مكّة موسم   تحيّي معّدا فيه مكّة والحجر
‍‍‌‏‎هناك تضيء الارض نورا وتلتقي   دنوا فلا يستبعد السفر السفر
‍‍‌‏‎وتدري فروض الحج من نافلاته   ويمتاز عند الامة الخير والشر
‍‍‌‏‎شهدت لقد اعززت ذا الدين عزّة   خشيت لها أن يستبد به الكبر
‍‍‌‏‎فأمضيت عزما ليس يعصيك بعده   من الناس إلا جاهل بك مغتر
‍‍‌‏‎أهنيك بالفتح الذي انا ناظر   اليه بعين ليس بغمضها الكفر
‍‍‌‏‎فلم يبق الا البرد تترى ومابأى   عليك مدى أقصى مواعيده شهر
‍‍‌‏‎وما ضر مصرا حين ألقت قيادها   اليك امد النيل أم غاله جزر
‍‍‌‏‎وقد حبّرت فيها لك الخطب التي   بدائعها نظم والفاظها نثر
‍‍‌‏‎فلم يُهرَق فيها لذي ذمّة دم   حرام ولم يحمل على مسلم أُصر
‍‍‌‏‎غدا جوهر فيها غمامة رحمة   يقي جانبيها كل نائبة تعرو
‍‍‌‏‎كأني به قد سار في القوم سيرة   تودّ لها بغداد لو أنها مصر
‍‍‌‏‎ستحسدها فيه المشارق انه   سواء اذا ما حلّ في الأرض والقطر
‍‍‌‏‎ومن اين تعدوه سياسة مثلها   وقد قلصت في الحرب عن ساقه الازر
‍‍‌‏‎وثقّف تثقيف الرديني قبلها   وما الطرف الا أن يهذّبه الضمر
‍‍‌‏‎وليس الذي يأتي بأوّل ما كفى   فشدّ به ملك وسدّ به ثغر
‍‍‌‏‎فما بمداه دون مجد تخلف   ولا بخطاه دون صالحة بهر
‍‍‌‏‎سننت له فيهم من العدل سنّة   هي الآية المجلى ببرهانها السحر
‍‍‌‏‎على ما خلا من سنّة الوحي اذ خلا   فأذيالها تضفو عليهم وتنجر
‍‍‌‏‎وأوصيته فيهم برفقك مردفا   بجودك معقودا به عهدك البر
‍‍‌‏‎وصاة كما أوصى بها الله رسله   وليس بأذن انت مسمعها وقر
‍‍‌‏‎وبينتها بالكتب من كل مدرج   كأن جميع الخير في طيه سطر
يقول رجال شاهدوا يوم حكمه   بنا تعمر الدنيا ولو أنها قفر
‍‍‌‏‎بذا لا ضياع حلّلوا حرماتها   وأقطاعهافاستصفى السهل والوعر
‍‍‌‏‎فحسبكم يا اهل مصر بعدله   دليلا على العدل الذي عنه يفترّوا
‍‍‌‏‎فذاك بيان واضح عن خليفة   كثير سواه عند معروفه نزر
‍‍‌‏‎رضينا لكم يا أهل مصر بدولة   اطاع لنا في ظلّها الامن والوفر
‍‍‌‏‎لكم أسوة فينا قديما فلم يكن   بأحوالنا عنكم خفاء ولا ستر
‍‍‌‏‎وهل نحن الا معشر من عفاته   لنا الصافنات الجرد والعسكر الدثر
‍‍‌‏‎فكيف مواليه الذين كأنّهم   سماء على العافين أمطارها البتر
‍‍‌‏‎لبسنا به ايام دهر كأنّها   بها وسن أو مال ميلا بها السكر
‍‍‌‏‎فيا ملكا هدي الملائك هديه   ولكن نجر الانبياء له نجر
‍‍‌‏‎ويا رازقا من كفّه منشأ الحيا   وإلا فمن اسرارها نبع البحر
‍‍‌‏‎الا إنما الايام أيامُك التي   لك الشطرمن نعمائها ولنا الشطر
‍‍‌‏‎لك المجد منها يا لك الخير والعلى   وتبقى لنا منها الحلوبة والدر
‍‍‌‏‎لقد جُدت حتى ليس للمال طالب   وأعطيت حتى ما لنفسه قدر
‍‍‌‏‎فليس لمن لا يرتقي النجم همّة   وليس لمن لا يستفيد الغنى عذر
‍‍‌‏‎وددت لجيل قد تقدّم عصرهم   لو استأخروا في حلبة العمر اوكروا
‍‍‌‏‎ولو شهدوا الايام والعيش بعدهم   حدائق والآمال مونقة خضر
‍‍‌‏‎فلو سمع التثويبَ من كان رمّة   رفاتا ولبى الصوت من ضمّه قبر
لناديت من قد مات حيّ بدولة   تُقام لها الموتى ويرتجع العمر