أسايلتي عما ألاقي من الأسى   سلي الليل عني هل أجن إذا جنّا
‍‍‌‏‎ليخبرك إني في فنونٍ من الجوى   إذا ما انقضا فنّ يوكل لي فنّا
‍‍‌‏‎وإن قلت : إن الليل ليس بناطق   قفي وانظري واستخبري الجسد المضنى
‍‍‌‏‎وإن كنت في شكٍ فديتك فاسئلي   دموعي التي سالت وأقرحت الجفنا
‍‍‌‏‎أحبّتنا لو تعلمون بحالنا   لما كانت اللذات تشغلكم عنّا
‍‍‌‏‎تشاغلتموا عنّا بصحبة غيرنا   وأظهرتم الهجران ما هكذا كنا
‍‍‌‏‎وآليتموا أن لا تخونوا عهودنا   فقد وحياة الحب خنتم وما خنا
‍‍‌‏‎غدرتم ولم نغدر وخُنتم ولم نخن   وحُلتم عن العهد القديم وما حُلنا
‍‍‌‏‎وقلتم ولو توفوا بصدق حديثكم   ونحن على صدق الحديث الذي قلنا
‍‍‌‏‎أيهنا لكم طيب الكرى وجفوننا   على الجمر ؟! لا تهنا ولا بعدكم نمنا
‍‍‌‏‎أنخنا بمغناكم لتحي نفوسنا   فما زادنا إلا جوىً ذلك المغنا
‍‍‌‏‎سنرحل عنكم إن كرهتم مقامنا   ونصبر عنكم مثل ما صبركم عنا
‍‍‌‏‎ونأخذ مَن نهوى بديلاً سواكم   ونجعل قطع الوصل منكم ولا منّا
‍‍‌‏‎تعالوا الى الانصاف فيما ادّعيتموا   ولا تفر طوابل صححوا اللفظ والمعنى
أليتكم ناصفتمونا فريضة   بأنّ لكم نصفاً وأنّ لنا ثُمنا

 

‍‍‌‏‎

إذا طلعت شمس النهار ذكرتكم   وإن غربت جدّدت ذكركم حُزنا
‍‍‌‏‎وإني لأرثي للغريب وإنني   غريب الهوى والقلب والدار والمغنى
‍‍‌‏‎لقد كان عيشي بالأحبّة صافياً   وما كنت أدري أنّ صحبتنا تفنا
‍‍‌‏‎زمان نعُمنا فيه حتى إذا مضى   بكينا على أيامه بدم أقنا
‍‍‌‏‎فوالله ما زال اشتياقي اليكم   ولا برح التسهيد لي بعدكم حفنا
‍‍‌‏‎ولا ذقت طعم الماء عذبا ولا صفت   موارده حتى نعود كما كنا
‍‍‌‏‎ولا بارحتني لوعة الفكر والجوى   ولا زلت طول الدهر مقترعا سنّا
‍‍‌‏‎وما رحلوا حتى استحلّوا نفوسنا   كأنهم كانوا أحق بها منّا
‍‍‌‏‎ترى منجدي في أرض بغداد واهناً   لزهدكم فينا وبُعدكم عنّا
‍‍‌‏‎أيزعم أن أسلوا ؟! ويشغل خاطري   بغيركم مستبدلا ؟! بئس ما ظنّا
‍‍‌‏‎أيا ساكني نجدٍ سلامي عليكم   ظننا بكم ظناً فاخلفتموا الظنا
‍‍‌‏‎أمثّل مولاي الحسين وصحبه   كأنجم ليل بينها البدر أو أسنا
‍‍‌‏‎فلما راته أخته وبناته   وشمر عليه بالمهنّد قد أحنى
‍‍‌‏‎تعلّقن بالشمر اللعين وقلن : دَع   حسينا فلا تقتله يا شمر واذبحنا
‍‍‌‏‎فحزّ وريديه وركّب رأسه   على الرمح مثل الشمس فارقت الدجنا
‍‍‌‏‎فنادت بطول الويل زينب أخته   وقد صبغت من نحره الجيب والردنا
‍‍‌‏‎: ألا يا رسول الله يا جدّنا اقتضت   أميّة منا بعدك الحقد والضغنا
‍‍‌‏‎سُبينا كما تسبى الإماء بذلةٍ   وطيف بنا عرض البلاد وشُتتنا
‍‍‌‏‎ستفنى حياتي بالبكاء عليهم   وحزني لهم باقٍ مدى الدهر لا يفنى
‍‍‌‏‎ألا لعن الله الذي سنّ ظلمهم   وأخزى الذي أملا له وبه استنّا
‍‍‌‏‎سأمدحكم يا آل أحمد جاهداً   وأمنح مَن عاداكم السب واللعنا
‍‍‌‏‎ومن منكم بالمدح أولى لأنّكم   لأكرم من لبّى ومن نحر البُدنا
‍‍‌‏‎بجدّكم أسرى البراق فكان من   إله البرايا قاب قوسين أو أدنا
‍‍‌‏‎وشخص أبيكم في السماء تزوره   ملائك لا تنفكّ صبحا ولا وهنا
أبوكم هو الصدّيق آمن واتّقى   وأعطى وما أكدى وصدّق بالحسنى

 

‍‍‌‏‎

وسمّاه في القرآن ذو العرش جنبه   وعروته والعين والوجه والأذنا
‍‍‌‏‎وشدّ به أزر النبي محمد   وكان له في كل نائبةٍ ركنا
‍‍‌‏‎وأفرده بالعلم والبأس والندى   فمن قدره يسمو ومن فعله يُكنى
‍‍‌‏‎هو البحر يعلو العنبر المحض فوقه   كما الدر والمرجان من قعره يُجنى
‍‍‌‏‎إذا عُدّ أقران الكريهة لم نجد   لحيدرة في القوم كفواً ولا قَرنا
‍‍‌‏‎يخوض المنايا في الحروب شجاعة   وقد ملأت منه ليوث الشرى جُبنا
‍‍‌‏‎يرى الموت من يلقاه في حومه الوغا   يُناديه من هنّا ويدعوه من هنّا
‍‍‌‏‎إذا استعرت نار الوغى وتغشمرت   فوارسها واستتخلفوا الضرب والطعنا
‍‍‌‏‎وأهدت إلى الأحداق كحلاً معصفراً   وألقت على الأشداق أردية دُكنا
‍‍‌‏‎وخلتَ بها زرقَ الأسنّة أنجماً   ومن فوقها ليلاً من النقع قد جنّا
‍‍‌‏‎فحين رأت وجه الوصي تمزقت   كثلّة ضانٍ أبصرت أسداً شنّا
‍‍‌‏‎فتى كفّه اليسرى حمام بحربه   كذاك حياة السلم في كفّه اليُمنى
‍‍‌‏‎فكم بطل أردى وكم مرهب أودى   وكم مُعدم أغنى وكم سائل أقنى
‍‍‌‏‎يجود على العافين عفواً بماله   ولا يتبع المعروف من منّه مَنّا
‍‍‌‏‎ولو فض بين الناس معشار جوده   لما عرفوا في الناس بخلاَ ولا ضنّا
‍‍‌‏‎وكل جواد جاد بالمال إنما   قصاراه أن يستنّ في الجود ما سنّا
‍‍‌‏‎وكل مديح قلت أو قال قائل   فإن امير المؤمنين به يعنى
سيخسر من لم يعتصم بولائه   ويَقرع يوم البعث من ندمٍ سنّا
‍‍‌‏‎لذلك قد واليته مخلص الولا   وكنت على الأحوال عبدا له قنا
‍‍‌‏‎عليكم سلام الله يا آل احمد   متى سجعت قمرية وعلت غصنا
‍‍‌‏‎مودّتكم أجر النبي محمد   علينا فآمنّا بذاك وصدّقنا
‍‍‌‏‎وعهدكم المأخوذ في الذر لم نقل   : لآخذه كلا ولا كيف أو أنّا
‍‍‌‏‎قبلنا وأوفينا به ثمّ خانكم   أناس وما خُنّا وحالوا وما حُلنا
‍‍‌‏‎طهرتم فطُهّرنا بفاضل طهركم   وطبتم فمن آثار طيبكم طِبنا
‍‍‌‏‎فما شئتم ومههما كرهتموا   كرهنا ، وما قلتم رضينا وصدّقنا

 

‍‍‌‏‎

فنحن مواليكم تحنّ قلوبنا   إليكم إذا إلف إلى إلفه حنّا
‍‍‌‏‎نزوركم سعيا وقلّ لحقكم   لو أنّا على أحداقنا لكم زُرنا
‍‍‌‏‎ولو بُضعت أجسادنا في هواكم   إذن لم نحل عنه بحاٍ ولا زلنا
‍‍‌‏‎وآبائنا منهم ورثنا ولاءكم   ونحن إذا مِتنا نورّثه الأبنا
‍‍‌‏‎وأنتم لنا نعم التجارة لم نكن   لنحذر خسراناً بها لا ولا غبنا
‍‍‌‏‎ومالي لا اثني عليكم وربّكم   عليكم بحسن الذكر في كتُبه أثنى
‍‍‌‏‎وإن أباكم يقسم الخلق في غدٍ   فيسكن ذا ناراً ويُسكن ذا عَدنا
‍‍‌‏‎وأنتم لنا غوثٌ وأمنٌ ورحمة   فما منكم بدّ ولا عنكم مغنى
‍‍‌‏‎ونعلم أن لو لم ندن بولائكم   لما قُبلت أعمالنا أبداُ منّا
‍‍‌‏‎وأن، إليكم في المعاد إيابنا   إذا نحن من أجداثنا سُرعاً قمنا
‍‍‌‏‎وأن عليكم بعد ذاك حسابنا   إذا ما وفدنا يوم ذاك وحوسبنا
‍‍‌‏‎وأن موازين الخلايق حبّكم   فأسعدهم مَن كان أثقلهم وزنا
‍‍‌‏‎وموردنا يوم القيامة حوضكم   فيظما الذي يُقصى ويُروى الذي يُدنى
‍‍‌‏‎وأمر صراط الله ثم إليكم   فطوبا لنا إذ نحن عن أمركم جُزنا
‍‍‌‏‎وما ذنبنا عند النواصب ويلهم   سوى أنّنا قوم بما دنتم دُنا
‍‍‌‏‎فإن كان هذا ذنبنا فتيقّنوا   بأنّا عليه لا انثينا ولا نُثنى
‍‍‌‏‎ولمّا رفضنا رافضيكم ورهطهم   رُفضنا وعودينا وبالرفض نُبّزنا
‍‍‌‏‎وإنا اعتقدنا العدل في الله مذهباً   ولله نزّهنا وإيّاه وحّدنا
‍‍‌‏‎وهم شبّهوا الله العليّ بخلقه   فقالوا : خُلقنا للمعاصي وأُجبرنا
‍‍‌‏‎فلو شاء لم نكفر ولو شاء أكفرنا   ولو شاء لم نؤمن ولو شاء آمنّا
‍‍‌‏‎وقالوا : رسول الله ما اختار بعده   إماماً لنا لكن لأنفسنا اخترنا
‍‍‌‏‎فقلنا : إذن أنتم إمام إمامكم   بفضل من الرحمن تهتم وما تهنا
‍‍‌‏‎ولكنّنا اخترنا الذي اختار ربّنا   لنا يوم «خمّ» لا ابتدعنا ولا جُرنا
‍‍‌‏‎سيجمعنا يوم القيامة ربّنا   فتجزون ما قلتم ونُجزى بما قلنا
هدمتم بأيديكم قواعد دينكم   ودينٌ على غير القواعد لا يُبنى

 

‍‍‌‏‎

ونحن على نور من الله واضح   فيا رب زدنا منك نوراً وثبتنا
‍‍‌‏‎وظن ابن حمّاد جميل برَبه   وأحرى به أن لا يخيب له ظنّا
‍‍‌‏‎بنى المجد لي شنّ بن أقصى فحزته   تُراثاً جزى الرحمن خيراً أبي شنّا
‍‍‌‏‎وحسبي بعد القيس في المجد والدي   ولي حسب عبد القيس مرتبةً تبنى
‍‍‌‏‎وخالي تميم تمّ مجدي بفخره   فنلت بذا مجداً ونلت بذا أمنا
‍‍‌‏‎ودونك لاما للقلائد هذّبت   مديحا فلم تترك لذي مطمعن طعنا
‍‍‌‏‎ولا ظل أو أضحى ولا راح واغتدى   تأمل لا عينٌ تراه ولا لحنا
‍‍‌‏‎فصاحة شعري مذ بدت لذوي الحجى   تمثّلت الأشعار عنده لكنا
‍‍‌‏‎وخير فنون الشعر ما رقّ لفظه   وجلّت معانيه فزادت بتها حسنا
‍‍‌‏‎وللشعر علم إن خلا منه حرفه   فذاك هذاء في الرؤس بلا معنى
‍‍‌‏‎إذا ما أديب أنشد الغثّ خلته   من الكرب والتنغيص قد ادخل السجنا
‍‍‌‏‎إذا ما رأوها أحسن الناس منطقاً   وأثبتهم قولاً وأطيبهم لحنا
‍‍‌‏‎تلذّ بها الأسماع حتى كأنها   ألذّ من أيام الشبيبة أو أهنى
‍‍‌‏‎وفي كل بيت لذة مستجدّة   إذا ما انتشاه قيل يا ليته ثنّى
‍‍‌‏‎تقبّلها ربّي ووفّى ثوابها   وثقّل ميزاني بخيراتها وزنا
وصلّى على الأطهار من آل احمد   إله السما ما عسعس الليل أو جنّا