أرى العمرَ أفنته سرايا الطّوارِقِ   ولمْ ألفِهِ إلا غَروراً لِمائقِ
وكيفَ بعمري أن أرى لذّةَ الهنا   ولابدّ من حادٍ لموتيَ سائِقِ
ففي نكباتِ الدّهر عبرةُ كاملٍ   يرى عُمرَهُ نَكْداً بعينِ الحقائقِ
أرى العيشَ إبّان الشبيبة ريِّقأ   ولابدَّ أنْ ألقى بياضَ المفارِقِ
وليس شبابُ المرءِ إلا كغيهبٍ   وما الشيبُ إما لاحَ كشارِقِ
وإني أرى أهلَ الزمانِ مآلَهم   مآلَ مُراءٍ أم مآلَ مَنافِقِ
فما فيهمُ من صاحبٍ تستشيرُهُ   ولم تلقَ فيهم من صديقٍ مُرافِقِ
وما ضرّني أنْ لفّني ثوبُ عِفّةٍ   وأخلصتُ في نفسي لطاعةِ خالِقيِ
فما العِزُّ إلا طاعةُ اللهِ والتُّقى   وما الذّلُ إلا بارتكابِ البوائِقِ
فكن مسلماً برَّاً تقيّاً كمسلمٍ   سليلِ عقيلٍ ذي العلى والسَّوابِقِ
غداةَ أتى كوفانَ في أمر سيّدٍ   مِن اللهِ في دعواه أصدقَ صادِقِ
وقد أظهروا مذ بايعوا عن مَوَدّةٍ   لَهُ عقدَ إخلاصٍ وثيقِ العلائِقِ
ولمّا دعاهم للهُدى غدروا بِهِ   وساقوا على علياهُ هونَ الوَسائِقِ
فَغَودَرَ ما بينَ الأزقَّةِ حائِراً   وقد غدروا فيه بنبذ الوثائِقِ