بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الثاني والعشرون لسنة 1430 هـ . ق

الليلة العاشرة من المحرم الحرام

القصيدة للشاعر الشيخ محمد بن نصّار (معجم شعراء الحسين للشيخ الهلالي) ج 3 ص 28 - 29

من ذا يقدّم لي الجواد ولامتي   والصحب صرعى والنصير قليل
فأتته زينب بالجواد تقوده   والدمع من ذكر الفراق يسيل
وتقول قد قطعت قلبي يا أخي   حزناً فياليت الجبال تزول
فلمن تنادي والحماة على الثرى   صرعى ومنهم لا يبل غليل
مافي الخيام وقد تفانى أهلها   إلا نساءٌ ولّهٌ وعليلُ
أرأيت أختاً قدّمت لشقيقها   فرس المنون ولا حمىً وكفيلُ
فتبادرت منه الدموع وقال يا   أختاه صبراً فالمصاب جليلُ
فبكت وقالت يا ابن أمّي ليس لي   وعليك ما الصبرُ الجميل جميلُ
ورنت إلى نحو الخيام بعولةٍ   عظمى تصبُّ الدمع وهي تقول
قوموا إلى التوديع إن أخي دعا   بجواده إن الفراق طويلُ
فخرجن ربات الخدور عواثراً   وغدا لها حول الحسين عويلُ
الله ما حالُ العليل وقد رأى   تلك المدامع للوداع تسيل
 

* * *

رد وعياله من العطش يومن   وصاح ابصوت للتوديع گومن
مثل سرب الگطه گامن يحومن   تطيح اعليه وحدتهن او تعثر
اجت زينب وباجي الحرم يمه   او صارت للوداع اعليه لمه
يشم سكنه وهي گامت تشمه   يحبها والدمع ليلو ايتنثر
 

وكأني بلسان حال سكينة:

يبويه گول لا تخفي عليه   هذي روحتك يو بعد جيه
يبويه انچان رايح هاي هيه   وتخليني اون الليل واسهر
 

* * *

وصّوا بنا گبلن ترحلون   وكبلن على الغبرة تنامون
يحسين منته نور العيون   وعلى افراگك يبويه ما اگدر اصبر
 

فقال لها (عليه السلام) بلسان الحال :

يبويه ايطول من بعدي ونينچ   ومثل النيب چني اسمع حنينچ
يبويه لا تشوفيني ابعينچ   اخافن ينخطف لونچ او يصفر
 

* * *

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي   منك البكاءُ إذا الحمام دهاني
لا تُحرقي قلبي بدمعك حسرةً   مادام مني الروح في جثماني
فإذا قُتلتُ فانت أولى بالذي   تأتينه يا خيرةَ النسوان
 

* * *

وداع الإمام الحسين (عليه السلام) لعائلته

نقل الشيخ النوري الطبرسي (رحمه الله) عن الفاضل الميرزا يحيى الأبهري أنه زار الحسين (عليه السلام) ليلة الأضحى فرأى الزهراء (عليها السلام) في المنام - تأمره أن يذهب للشيخ محمد باقر المجلسي (رحمه الله) - وكان يمارس الخطابة في الصحن الحسيني الشريف طالباً منه ذكر مصيبة الحسين (عليه السلام) بوداع عياله ففعل.

حقاً لو قيل: بأن هذا الموقف من أعظم ما لاقاه سيد الشهداء (عليه السلام) وعياله في ذلك اليوم، فإن عقائل النبوة تشاهد عماد أخبيتها وسياج صونها، وحمى عزها، ومعقد شرفها مؤذناً بالفراق الذي لا رجوع بعده أبداً، فلا يدرين بمن يعتصمن من عادية الأعداء وبمن العزاء بعد فقده، فلا غرو إذا اجتمعن عليه وأحطن به وتعلقن بأطرافه بين صبي يئنّ، ووالهةٍ أذهلها المصاب، وظفلةٍ تطلبُ الأمن، وأخرى تنشده الماء.

أما عقيلة بني هاشم زينب الكبرى (عليها السلام) فإنها تبصر هذا وذاك فتجد عروة الدين الوثقى عرضة للإنفصام وحبل النبوة آيلاً إلى الانصرام ومنار الشريعة إلى الخمود، وشجرة الإمامة إلى الذبول

تنعى ليوث البأس من فتيانها   وغيوثها إن عمت البأساءُ
تبكيهمُ بدمٍ فقل بالمهجة الـ   حرى تسيل العبرة الحمراءُ
حنّت ولكن الحنين بُكاً وقد   ناحت ولكن نوحها إيماءُ
 

فأوصاها الحسين (عليه السلام) بجميل الصبر وكفالة العائلة فقالت :

يا ابن امي طب نفساً، وقرّ عيناً، فإنك تجدني كما تُحب وترضى إن شاء الله تعالى ثم أنشأت تقول :

سأصبر حتى يعلم الله اننّي   صبرتُ على شيءٍ أمرُّ من الصبر
 

فوضع الحسين (عليه السلام) يده على صدرها مُطمئناً إياها، فكان ذلك فيوضات صبر وصمود أضيفت على قلب الحوراء (عليها السلام) فياله من وداع ما أشجا مضاضنته، وأمضّ حرارته وأشدّ مرارته في قلوب الهاشميات والفاطميات، وداع يُقطّع فلذات القلوب ويسيل الدموع ... وهكذا سار عنهم سيد الحماة والغيارى (عليه السلام) والعيون عبرى تلاحقه وبينما هو متجه نحو ميدان القتال إذ سمع صوتاً من خلفه (مهلاً مهلا يا ابن الزهراء) فوقف وطلبت منه النزول من على ظهر جواده فنزل (عليه السلام) وإذا بالعقيلة زينب (عليها السلام) فقالت أخي أبا عبد الله اكشف لي عن صدرك فكشف لها ثم انحنت عليه قبلته في صدره وشمته في نحره ثم أدارت وجهها إلى المدينة وقالت أماه يا فاطمة الزهراء لقد أديت الأمانة نفذت الوصية، ولما سألها عن سبب ذلك فقالت إنها وصية أمّنا الزهراء (عليها السلام) ثم بكى الجميع بكاءاً شديداً

ريض يخوي احسين ليه   عندي وصيّه امن الزكيه
گالت ابيوم الغاضريه   لو شفتي الغالي عليه
ما ظل له كل واحد يجيه   شميه من نحره الشفيه
 

او حبيه من صدر إليه

* * *

من سمع فك احسين صدره   لخته او عليه طاحت الحره
نوبه التشمه او تحب نحره   او نوبه الذي اتنادي الزهره
اتگلها ابحسب گولچ او أمره   اوداع النحبه صار واجره
 

* * *

وحگ الزار عرش الله وصدره   صعب للموت او دعنّه وصدره
ابلهفه گمت احب نحره وصدره   يزهره او عنچ اديت الوصيه
 

* * *

أفاطمُ إن الوحي قد قام معولا   لرُزءٍ به أبكى السماء وزلزلا
أتدرينَ ماذا قد دهاك بكربلا   أفاطمُ لو خلت الحسين مجدلاً
 

وقد مات عطشاناً بشط فرات

 

الاستاذ الشيخ أبو علي البصري