بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس : الثامن عشر |
الليلة الخامسة من المحرم الحرام |
14 / رجب / 1434 هـ . ق |
القصيدة للمرحوم السيد جعفر الحلي (قدس سره)
كيف تهنيني الحياةُ وقلبي | بعد قتلى الطّفوفِ دامِ الجِراحِ | |
بأبي مَن شَرَوا لِقاءَ حسينٍ | بفراقِ النُّفوسِ والأرواحِ | |
وقفوا يدرؤونَ سُمرَ العوالي | عنه والنّبلَ وقفةَ الأشباحِ | |
فوقَوهُ بيضَ الظُّبى بالنُّحورِ البـ | ـيض والنّبلَ بالوجوهِ الصّباحِ | |
فئةٌ إن تعاورَ النّقعُ ليلاً | أطلعوا في سماه شُهبَ الرّماحِ | |
وإذا غنّتِ السيوفُ وطافت | أكؤسُ الموتِ وانتشى كلُّ صاحِ | |
باعدوا بين قربهم والمواظي | وجسومِ الأعداءِ والأرواحِ | |
أدركوا بالحسين أكبرَ عيدٍ | فغدَوا في منى الطّفوفِ أضاحي | |
لستُ أنسى من بعدهم طودَ عِزٍّ | وأعاديه مثلُ سيلِ البِطاحِ |
* * *
گضوا حگ العليهم دون الخيام | ولا خلوا خوات احسين تنضام | |
لما طاحوا تفايض منهم الهام | تهاووا مثل مهوى النجم من خر | |
هذا الرمح بفاده تثنه | او هذا بيه للنشاب رنّة | |
او هذا الخيل صدره رضرضنه | او هذا او ذاك بالهندي اموذّر |
* * *
لما رأى السبطُ أصحابَ الوفى قُتِلوا | نادى أبا الفضلِ أين الفارسُ البطلُ | |
وأين مَنْ دونيَ الأرواحَ قد بذلوا | بالأمس كانوا معي واليومَ قد رحلوا |
وخلفوا في سويدا القلب نيرانا
الموضوع: وفاء ومواقف الأنصار
من الاختبارات التي اختبر الحسين أصحابه وأهل بيته كانت ليلة عاشوراء لما صلى بهم صلاة العشاء قال لهم: اني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيتي أبر وأوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرا.
الا واني اظن ان يومنا من هؤلاء غداً ... فانطلقوا جميعاً في حلّ مني ليس عليكم ذمامٌ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً.
وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي فجزاكم الله جميعاً ولو اصابوني لذَهلوا عن طلب غيري.
هذه رخصة الإمام الحسين لهم وهي بمثابة الامتحان والاختبار... فما كان جواب الأصحاب وأهل بيت الحسين على ذلك:
1- قام اخوته وابناءه وابناء عبد الله وجعفر وقال العباس (عليه السلام) ولم نفعل ذلك؟! لنبقى من بعدك؟ لا أرانا الله ذلك.
ثم تكلم الباقون مثل كلامه.
2- وقام مسلم بن عوسجة وقال نحن نخليك وقد أحاط بك العدو؟
لا أرانا الله ذلك أبداً، حتى اكسر في صدورهم رمحي واضاربهم بسيفي ولو لم يكن لدي سلاح لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك.
3- ثم قام زهير بن القين وقال: والله يابن رسول الله لوددت أنّي قتلت ثم نشرت ألف مرة من أجل أن تبقى انت وأهل بيتك سالمين.
4- وقام سعد بن عبد الله - الذي وقف يوم عاشوراء أمام الحسين (عليه السلام) ليقيه السهام والرماح والحسين يصلي - فقال: لا والله يابن رسول الله لا نخليك أبداً حتى يعلم الله انا قد حفظنا فيك وصية نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) ولو علمت اني قتلت فيك ثم أقطع وأذرى ويفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتى القى حمامي من دونك وكيف لا أفعل وإنما هي قتلة في واحدة.
يقف الوفاء حده عند هذه الكلمات ليبدي عجزه عن هذه الكلمات والمواقف التي لا نظير لها في التاريخ.
ما هذا الوفاء؟ ما هذا الحب والعشق والتفاني والذوبان في الحسين (عليه السلام)؟
ثم قال (عليه السلام) لبني مسلم بن عقيل (عليه السلام): اذهبوا فقد اذنت لكم.
فقالوا: لا والله لا نفارقك أبداً حتى نقيك بأسيافنا ونقتل بين يديك.
قال علي بن الحسين (عليه السلام) كنت مع أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها فقال لأصحابه هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه ...
فقالوا والله لا يكون هذا أبداً. فقال: إنكم تقتلون غداً كلكم ولا يفلت منك رجل. فماذا كان جوابهم؟ هل خافوا؟ هل تراجعوا؟
بل قالوا: الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك.
ثم دعا (عليه السلام) فقال لهم: ارفعوا رؤوسكم وانظروا، فجعلوا ينظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة، وهو يقول لهم: هذا منزلك يا فلان (انظر البحار : 44/298).
نفوسنا لنفسك الفداء
ولما فرغ الحسين من الصلاة قال لأصحابه: يا كرام هذه الجنة قد فتحت أبوابها، وأتصلت أنهارها، وأينعت ثمارها. وهذا رسول الله والشهداء الذين قتلوا في سبيل الله يتوقعون قدومكم ويتباشرون بكم، فحاموا عن دين الله، ودين نبيه، وذبوا عن حرم الرسول.
فقالوا: نفوسنا لنفسك الفداء ودماؤنا لدمك الوقاء، فوالله لا يصل إليك وإلى حرمك سوءٌ وفينا عرقٌ يضرب.
مصرع الجابريين
ولما نظر من بقى من أصحاب الحسين إلى كثرة من قتل منهم أخذ الرجلان والثلاثة والأربعة يستأذنون الحسين في الذب عنه والدفع عن حرمه وكل يحمي الآخر من كيد عدوه.
فخرج الجابريان وهما: سيف بن الحارب بن سريع، ومالك بن عبد الله بن سريع وهما إبنا عم وأخوان لأم وهما يبكيان!!
قال الحسين (عليه السلام) ما يبكيكما؟ إني لأرجو أن تكونا بعد ساعةٍ قريري العين.
قالا: جعلنا الله فداك، ما على أنفسنا نبكي، ولكن نبكي عليك، نراك قد أحيط بك ولا نقدر أن ننفعك.
ما نبچي منِّ الموت يحسين | نبچي عليك او نهمل العين | |
ندري تظل بين الميادين | او لا ناصر العندك ولا امعين |
فجزاهما الحسين خيراً، فقاتلا قريباً منه حتى قتلا.
مصرع مسلم بن عوسجة
ثم حمل عمرو بن الحجاج من نحو الفرات، فاقتتلوا ساعةً وفيها قاتل مسلم ابن عوسجة، فشد عليه مسلم بن عبد الله الضبابي، وعبد الله بن خشكارة البجلي.
وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدةٌ وما انجلت الغبرة إلا ومسلمٌ صريعٌ وبه رمقٌ
فمشى إليه الحسين ومعه حبيب بن مظاهر.
فقال له الحسين (عليه السلام) رحمك الله يا مسلم (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
ودنا منه حبيب وقال: عزّ عليَّ مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة.
فقال بصوتٍ ضعيف: بشرك الله بخيرٍ.
فقال حبيبٌ: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بما أهمك.
فقال مسلم: أوصيك بهذا وأشار إلى الحسين أن تموت دونه!!
گربت يبن ظاهر منيتي | ماوصيك بعيالي او بيتي | |
انچان نيتك مثل نيتي | بالحسين واعياله وصيتي |
* * *
حين السمع صاحب الغيره | ايگله او عليه شوفه يديره | |
هذا الحسين اشعدنه غيره | سبط النبي المامش نظيره | |
لوگف ابهالساعه الگصيره | وافني العمر هاي الظهيره |