القصيدة الخامسة / من شعر التفعيلة ..
وريد الحسين
وريدٌ
يُخَلّقُ في الغيبِ وجهَ الزمانْ
لهُ ساحلانْ
يدورانِ حولَ المشاويرِ والأفئدةْ
لهُ مُقلتانْ
ترشّانِ كُلَّ وجوهِ النجومِ رؤىً سيّدةْ
لهُ شفَتانْ
تُذيبانِ في مسمَعِ الكونِ
صوتاً
لذيذَ المنى
دافئَ الهمهماتِ
وضيءَ الجُدَةْ
* * * * *
وقبلَ ولادةِ أوّلِ شمسْ
وقبلَ تفتُّقِ أوّلِ همسْ
وقبلَ تعَسْعُسِ ليلٍ
وقبلَ تنفُّسِ صبحْ
أماطتْ يدُ اللهِ عنه الستارْ
فكانَ النهارْ ؛
وريداً يُداعبُهُ ألفُ جُرحْ
يُعانقُهُ فارسٌ أبيضُ القُبْلَتيْنْ
بدونِ يدَينْ
يفَتّحُ عينيهِ في لهفةٍ
وريدُ الحسينْ
* * * * *
وريدُكَ
والدربُ
والعطشُ
وأحلامُكَ البِيضُ
تنهلُّ عُمْراً
جديدَ التنفُّسِ والحُبّ ِ
ينتعشُ
على راحتَيْكَ / المرافئِ
حيثُ يحومُ الملائكُ والظامئون
على دفئها الأبدِيّ ِ
فتُفْترَشُ ...
وتحلو جراحٌ
هي الأنهُرُ الدافقاتُ بفيضِ التسابيحِ والنورِ
تعلو بأمواجِها / أُمنياتِ الوجيبِ المُعذَبْ /
فيهربُ ليلٌ كئيبُ المحطّاتِ
يُهرَعُ في إثرِهِ الغبَشُ ...
وتغمرُ هذا الوجودَ ملامحُ
تسألُ : أينَ .. وأينْ ؟؟
فيُشرِقُ وجهُ الحسينْ ...
* * * * *
وحينَ توضّأتَ يوماً بدمعِ السماءْ
على شاطِئَيْ مُقَلٍ أربعٍ
يُخبّرُها الوحيُ عن :
(( زمنٍ سيجيءُ
ثقيلَ الخُطى
دامسَ الطرُقاتِ
يفورُ بيُمْناهُ كربٌ
وتصخبُ عُسراهُ دنيا بلاءْ ))
ترَجَّلَ مِن قطراتِ وضوئِك نبعٌ
جميلُ الغدائرِ
يملأُ أرجاءَ عُمْرِ البشائرِ
بالعبَقِ السرمديّ ..
وكانَ يتوقُ لِنبعٍ يؤاخيهِ
آذِيهُ مِن دماءْ ...
تلقَّفَ أنفاسَكَ الناعماتِ
بكاءُ أبٍ عبقريّ ِ السُّرى
ونشيجُ الرسولْ
تُلوّنُهُ بالأسى شهَقاتُ البتولْ
فصاغوكَ
واللهُ قبلَهُمُ
نفَساً
يملأُ الكائناتِ
بفيضِ الحياةِ ..
فظلّتْ تَساءَلُ :
مِن أينَ ؟ .. مِن أينْ ؟
فأوحى لها اللهُ
( هذا عطاءُ ) الحسينْ
* * * * *
ويُغْمِضُ عينيهِ مُستحيياً
زمنٌ
لَوّنتْهُ انكساراتُهُ الفاشلةْ
وأخطاؤهُ القاتلةْ
ومَرّتْ فصولٌ خُرافيّةُ الاكتئابْ
ولَمّتْ قناديلَ ماضيّها ..
فتأمَّرَ ظُلمٌ
وسادَ عذابْ
ومرّتْ قوافلُنا اللاهثاتُ الجريحةْ
جبالاً ذبيحةْ !!
وكانَ السرابُ المسافرُ
بين احتراقاتِها
وبينَ وريدِكَ
حُلْماً
يُباركُهُ النزفُ والاحتضارْ
ليمنحَ خلفَ الضبابِ
ملامحَ شمسِ النهارْ
تُطِلُّ علينا بجَفْنَيْنْ
هما صُوْرَتا رَفَّتَيْنْ
لِنَحرِ الحسينْ ...
* * * * *
على ضفّتَي جُرحِكَ المُتعطّشِ للناسِ !
يجثو يتيمانِ
يحفرُ وَجهَيْهِما الظَمَأُ
وفي المُقلَتَينْ
شِراعُ شجاً يُقرَأُ
هما ؛
دجلةٌ والفراتْ
وخلفَهما وجهُ أُمّهما
ذو الفِجاجِ المَواتْ !
وآلافُ آلافِ أيدٍ تُمَدُّ إلى الضفتينْ
وأرواحُها
حائماتٌ بأشواقِها
ناظِرَينْ
يُذيبانِ دهراً
عبوسَ المواجعِ والدمَعاتْ
ليأْتلِقا
على فَيضِكَ السُندسيّ ِ اللُجينْ
فيخضرُّ فوقَ العيونِ
ربيعُ الحسينْ
لأنّكَ أنتَ الحسينُ الحسينُ الحسينُ الحسينْ تَوحَّدَ في جُرحِكَ الكون ، وارتجفتْ راحتاهْ
لأنّكَ أنتَ الحسينُ الحسينُ الحسينْ تجلّى بأحداقِكَ الله .. كنتَ رؤاهْ
لأنّكَ أنتَ الحسينُ الحسينْ لذا مِنْكَ جَدُّك ، أنتَ مَداهْ
لأنّكَ أنتَ الحسينْ فلامِسْ بقلبيْ أساهْ
لأنكَ الحسينْ جرَتْ دمعتاهْ
حسينْ وآاااااهْ
حسينْ وآهْ
حسينْ