الروح الكبرى
في عمقِ الوحشةِ ،
والموتِ
/ الأفظعِ من أقسى أصنافِ الموتْ /
تنزلُ قطرةُ دمعٍ
ترسُمُ في وسطِ المرآةِ الكرويّةِ منها
وجهاً
يمتدُّ على وجهِ الأرضِ جميعاً
ويطيرُ بها مُشرقةً
في عرضِ سماواتِ الكون ..
يقتربُ الوجهُ
الأرضُ
الإشراقُ
دنا .. فتدلّى ...
أوحى اللهُ له أمواجاً من نورْ
يتلألأُ قربَ السدرةِ
يبتسمُ الأُفقُ الأعلى ..
والحورْ
فتُطِلُّ من المأوى العسليّ
تراقبُ بالحبّ ِ الذائبِ
وجهاً
أرضاً مشرقةً ..
تهمسُ
عن سرّ ِ سجودِ المخلوقاتِ العُليا
لعيونِ الأُعجوبةِ
يُنْبِئُها بالأسماءْ ..
* * * * *
قطرةُ دمع ..
في مرآةِ الدمعِ ؛
الروحُ الكبرى تتفتّحُ أكماماً
بينَ عيونِ الوجهِ الأرضيّ ِ
المُشرقِ من نورِ اللهِ
تضمّخَ بالأشذاءِ
الممتدّةِ من جنّةِ عدْنٍ حتّى الكعبةِ
حيثُ هناكَ انبلجت تلكَ الروحُ الكبرى
ساجدةً في عُمقِ البيتِ
ولمّتْ فيها كلَّ مباهجِ ذاكَ الكونِ
الأُسطورةِ
وامتدّتْ تحمي الإشراقَ
تؤرّجُهُ
في كلّ ِ مدى بُقيا الليل
الجاثمِ فوقَ رمادِ الإنسانْ ...
* * * * *
الساحةُ خاليةٌ
والليلُ يصولُ .. يجولُ ..
وأشباهُ الإنسانِ تفِرُّ ..
وتذهبُ / خاسئةً / بعَريضَتِها ..
والروحُ الكبرى تقتلعُ الليلَ
وتزرعُ أطيافَ النورِ
المُتقاطرِ من وجهِ اللهِ
بكلّ ِ فجاجِ الرملِ
وكلّ ِ قلوبِ الناسِ ...
وعندَ عبورِ المُنعطَفِ الأخطرِ ..
يسقطُ فيهِ الشبَهُ الإنسانيُّ الذابلُ
لا تبقى غيرُ الروحِ الكبرى
في بيتٍ ...
شبّتُ نيرانُ الحقدِ الأعمى في البابِ
وترفضُ أجسادُ الناسِ الموتى
إشعاعَ النور ...
ها قد عادَ الليلُ
يُهدّدُ كلَّ رقابَ الأطفالِ
الآتينَ بكلّ ِ براءتِهم
وطموحِ الأجيالِ
هوى الإنسانُ ..
وظلّتْ تلكَ الروحُ الكبرى
ترسمُ وجهَ الإنسانِ الآخرِ
بالنورِ
وأكملَها
/ اللوحةَ /
نزفٌ
من هامِ الكونِ المُختَصَرِ
المخضوبِ بمحرابِ الكوفةِ عندَ الفجر
* * * * *
قطرةُ دمع ..
الرؤيةُ
شَوَّشَها صَخَبُ الليلِ
ولكنَّ وليدَ الروحِ الكبرى
واصلَ تأطيرَ الوجهِ الأنضَرِ
حتى علّقَهُ بالكبدِ المُتقرّحِ بالسمّ
علّقَ وجهَ الإنسانِ على أحداقِ الأقدارِ ...
عوى الليلُ
وجُنَّ جنونُ الريحِ السوداءْ
* * * * *
قطرةُ دمع ..
سبعونَ صباحاً إنسانيّاً
تتفجّرُ في جوفِ الليلِ ..
يغطّي الليلُ مدى الإشعاعِ الكونيّ ِ
ولكنّ النورَ المُتدفّقَ
يُبعِدُ كلكلَ هذا الليلِ عن الأرضِ
الحُبلى بصباحاتِ الفرحِ الآتي
من رحِمِ الطعناتِ
شوَاها قيظُ الطفّ ِ
على همسِ فراتٍ عطشانْ ..
* * * * *
قطرةُ دمع ..
أطفالٌ حاصرَها لهَبُ النارِ
وسوطٌ ..
سوطانِ
مئاتُ سياطٍ
آلاف ..
* * * * *
قطراتُ دموعٍ
وجروحْ ..
نسوةُ ذاكَ الخصبِ
تروّي كلَّ عروقِ المَشرقِ
والروحْ ...
* * * * *
قطراتُ دموعٍ
وجروحٍ
وشموس
رأسٌ فوقَ الرمحِ
وسهمٌ ثلّثَهُ الحقدُ
يقَطّعُ كلَّ نياطِ القلبِ الفَجْري ّ ..
* * * * *
ودموعٌ لا حدَّ لها ..
آلافُ مَراءٍ
تعكسُ آلافَ الأوجُهَ والألوانْ
يحتشدُ الدمعُ بحاراً
تغسلُ أدرانَ الإنسانْ
تسقي كلَّ بذورِ الإشراقِ الأوّلِ
ينبعثُ الطوفانْ ..
لا شيءَ يُعيقُ المطرَ الهاطلَ من وجهِ اللهِ
فقد خسِرَ الليلُ المجنون
أقنعةَ الزيفِ
وعادَ إلى الأرضِ الحيرى
أرَجُ الإيمانْ ...
القصيدة الثامنة / ملحمة كربلاء من منظور آخر ... كُتبت في بيروت بتاريخ 19/محرم/1419