انعتاقُ الطفوف
الأرضُ تُجهِشُ بالبكاءْ
وفمُ الرمالِ الفاغرُ الحرّانُ
أذهلَهُ نزيفُكِ يا دماءْ
وعلى الرمادِ معالِمُ الماضينَ
تلهجُ بالرثاءْ ...
وعلى مدى هذا العراءْ
سجَدتْ ملائكةُ السماءْ
وتعثّرتْ بنشيجِها بُقيا دعاءْ
* * * * *
مِن كربلائِكِ يا دماءُ
تَوشّحَ الشاطي أساه
الجُرفُ يلطمُ وجهَهُ موجٌ غريبْ
تتكسّرُ الأصدافُ في روحٍ كئيبْ
وتمرُّ تحتَ الليلِ
مأساةٌ تَخَضَّبُ بالرجاء ...
مَن يا تُرى يدري بشاطئِكِ الحزينْ ؟
مَن يحملُ الأحداقَ جامدةً على دمعِ انكسارْ
لترى النهار ؟؟
* * * * *
أُسطورةٌ من كربلائِكِ يا دماء
تلتفُّ حولَ عرائهِ الشتَويّ ِ
تلمسُهُ
تُداعِبُ وجهَهُ المعروقَ
تلثمُ جُرحَهُ ...
فإذا الشراعُ مآذنٌ للفجرِ
تغمرُها الملائكُ بالبهاءْ
وإذا الحسينُ
يُطِلُّ مِن أُفُقِ السناءْ
* * * * *
في مقلتَيهِ تجوبُ أفئدةٌ
يُعذّبُها الحنينْ
يستافُها وجَلُ البراءةِ
من رفيفِ العابرينْ
ظمَأُ إلى عينَيهِ
يُلهِبُ كلَّ قافلةٍ
تسيرُ إلى مواجعِهِ الخصيبةْ
وعلى الرموشِ تعرّشتْ
آمالُ كلّ ِ النازفينْ ...
في ساحلَيْهِ حمائمُ
لاذتْ وطابَ لها الهديلْ
ومواسمُ
وُلِدَتْ براحتِها الفصولْ
وعيونُ أطفالٍ تَبَسَّمُ بالنقاءْ
تاقتْ لدفئِكِ يا دماءْ
* * * * *
يا سيدي مولى الجراحْ
رسمتْ أنامِلُكِ الرحيمةُ بالدماءِ
رؤى الصباحْ
وفتحتَ قلبَكَ
كي تشمَّ الأرضُ عالَمَكَ المُرادْ
فلطالما اختنقتْ غضارةُ وَردِها
بروائحِ البشَرِ الرمادْ ...
يا سيّدَ النفَسِ الجديدِ الغضّ ِ
تشربُهُ الحياة
يا مَن منحتَ الأُمنياتِ عذوبةَ المرسى
على أُفُقِ المُحالْ
هذي جراحُكَ أنهُرٌ
رفّتْ على يبَسِ الرمالْ ...
رشفتْ شفاهُ الظامئينْ
نهِلتْ قلوبُ الوالهينَ
زُلالَها
غضَباً
وحُبّا
فنما على أوداجِها التيّارُ
عَذْبا
وسمَتْ دماؤكَ يا حسينْ ! ...
القصيدة السادسة / من شعر التفعيلة .. كُتبت في 21/صفَر/1414