محور الخلود
في البطولاتِ والتُقى يا عَذولُ | صفحاتٌ مِن العُلى لا تزولُ | |
حينَما يُمسِكُ الزمانَ بكَفّ | المَجدِ فردٌ تهفو إليهِ العُقولُ | |
مِحوراً لِلخُلودِ يصبحُ حتى | وَدّت الشمسُ لو إليهِ تؤولُ | |
هكذا تُعدَلُ البرايا بفرْدٍ | أوحدِيٍّ يهابهُ المُستحيلُ | |
ندرَتْ في الوجودِ أمثالُ نوحٍ | ولذا في سِواهُ قد صِيْحَ : (( زولوا )) | |
أُممٌ حجَّمَتْ حِجاها ، فأودى | بقراها الطوفانُ والتَنْكيلُ | |
وسِوى أحمدٍ ومَنْ عَصَمَ اللّهُ | مِن الآلِ فالرِجالُ قليلُ | |
زَينهُمْ مَنْ نمَا بظِلّ علِيّ | ونماهُ ابنُ بجدَتيْها عقيلُ | |
مسْلِمٌ فارسُ الحُروبِ وحامي | الجارِ والعَفُّ والكريمُ النبيلُ | |
ما ارتضى غيرَهُ الحُسَينُ سفيراً | فاجتباهُ وإنهُ المَأمولُ | |
أوضحَ الحقَّ فاقتفتهُ رجالٌ | ولقدْ عسرَ المَخاضُ المَهولُ | |
كانَ فاروقها بمُعترَكِ الحَرْبِ .. | إذا شدَّ فالجُيُوشُ فلُولُ | |
لم يطيْقوا دِفاعهُ فأتوا غدْراً | شنيْعاً وقدْ عَرَاهُمْ ذُهولُ | |
ضَحِكَ الشَهْمُ لِلجراحِ .. ولكنَّ | بكاهُ على الحسينِ طَويلُ | |
لم يذُقْ شرْبةً مِن الماءِ حتى | ملأ الكأسَ نزْفهُ المَطلُولُ | |
وعلى القصْرِ أمهلُوهُ يُصلّي | ثُمَّ حَزَّ الوريدَ سيفٌ صَقيلُ | |
أَسقطُوهُ مِن قصرِهمْ ، سحبوهُ | بحِبالِ الخنا .. فنعمَ القتيلُ |
تخميس مناسب لهذه الليلة :
أيا عَيْنُ ما في دَمْعِكِ المُتحدّرِ ؟ | متى عادَلَ الدَمْعُ افتقادَ محَرّرِ؟! | |
هُوَ الموتُ خُوضي في مَعاليهِ أو ذَري | ( إذا كُنتِ لا تدرينَ ما الموتُ فانظري |
إلى هانئٍ في السُوْقِ وابنِ عقيلِ )
فذا مُسلِمٌ قد باعَ لِلدِينِ نفْسَهُ | فخافَ العِدى في لُجّةِ الحربِ بَأسَهُ | |
ألا فاطْمَحي إنْ كُنتِ تَهْوَيْنَ قُدسَهُ | ( إلى بَطَلٍ قدْ هَشّمَ السَيْفُ رأسَهُ |
وآخرَ يهْوي مِنْ طمَارِ قتيلِ )
مُحاورة مفترضة (بعد دخول ركب السبايا إلى الكوفة) بين حميدة بنت مسلم بن عقيل والمرأة الصالحة طوعة التي ضيّفتْ أباها ليلة استشهاده :
يا طَوْعَ ما حَلّا === بمُسلمٍ هَلّا === تذكّرَ الأهلا === وطفلةً حيرى
قالت هَمَتْ عيناهْ === مُذ جُرحُهُ أدماهْ === فصاحَ وا أهلاه === ودَمعَهُ أجرى
وقالَ : أبكِيْهِمْ === أهلي وحامِيْهِمْ === يا ليتَ أفدِيْهِمْ === وأدفعُ الشَرّا
فقالت الطِفلةْ : === هلْ ذاقَ مِنْ نَهْلَةْ === في ساعةِ القَتْلَةْ === وأطفأَ الجَمْرا
قالت : قضى عَطشانْ === وقلبُهُ حَرّانْ === حتى هوى الجُثمانْ === وأُودِعَ القَبْرا
القصيدة الخامسة / في سفير الإمام الحسين عليه السلام ، الشهيد الفذ مسلم بن عقيل .