حيّ قبرا بكربلا مُستنيرا | ضمّ كنز التقى وعلما خطيرا | |
وأقم مأتم الشهيد وأذرف | منك دمعا في الوجنتين غزيرا | |
والتثم تربة الحسين بشجوٍ | وأطل بعد لثمك التعفيرا | |
ثم قل : يا ضريح مولاي سُقيّ | ت من الغيث هاميا جمهريرا | |
تِه على ساير القبور فقد أص | بحت بالتيه والفخار جديرا | |
فيك ريحانة النبي ومن حل | من المصطفى محلا أثيرا | |
فيك يا قبر كل حلم وعلم | وحقيق بأن تكون فخورا | |
فيك مَن هدّ قتله عمد الدين | وقد كان بالهدى معمورا | |
فيك من كان جبرئيل يُناغيه | وميكال بالحباء صغيرا | |
فيك مَن لاذ فطرس فترقّى | بجناحي رضى وكان حسيرا | |
يوم سارت له جيوش ابن هند | لذحول أمست تحل الصدورا | |
آه واحسرتي له وهو بالسيف | نحير أفديت ذاك النحيرا | |
آه إذ ظل طرفه يرمق الفسطاط | خوفا على النساء غيورا | |
آه إذ أقبل الجواد على النسوان | ينعاه بالصهيل عفيرا | |
فتبادرون بالعويل وهتّكن | الأقراط بارزات الشعورا | |
وتبادرن مسرعات من الحذر | ومن قبلُ مُسبلات الستورا | |
ولطمن الخدود من ألم الثكل | وغادرن بالنياح الخدورا |
وبدا صوتهنّ بين عداهنّ | وعفن الحجاب والتخفيرا | |
بارزات الوجوه من بعدما غودرن | صون الوجوه والتخفيرا | |
ثم لمّا رأين رأس حسين | فوق رمح حكى الهلال المنيرا | |
صحن بالذل أيها الناس لِم نُسبى | ولم نأت في الأنام نكيرا ؟! | |
مالنا لا نرى لآل رسول الله | فيكم يا هؤلاء نصيرا ؟! | |
فعلى ظالميهم سخط الله | ولعن يبقى ويفنى الدهورا | |
قل لمن لام في ودادي بني | أحمد : لا زلت في لظى مدحورا | |
أعلى حب معشر أنت قد كنتَ | عذولاً ولا تكون عذيرا | |
وأبوهم أقامه الله في «خُم» | إماماً وهادياً وأميرا | |
حين قد بايعوه أمراً عن | الله فسائل دوحاته والغديرا | |
وأبوهم أفضى النبي إليه | علم ما كان أولاً وأخيرا | |
وأبوهم علا على العرش لمّا | قد رقى كاهل النبي ظهيرا | |
وأماط الأصنام كلاً عن الكعبة | لمّا هوى بها تكسيرا | |
قال : لو شئت ألمس النجم بالكف | إذن كنت عند ذاك قديرا | |
وأبوهم ردّت له الشمس بيضاً | وهي كادت لوقتها أن تغورا | |
وقضى فرضه أداءً وعادت | لغروب وكوّرت تكويرا | |
وأبوهم يروي على الحوض مَن وا | لاهم ويردّ عنه الكفورا | |
وأبوهم يقاسم النار والجنة | في الحشر عادلا لن يجورا | |
فإذا اشتاقت الملائك زارته | فناهيك زايرا ومزورا | |
وأبوهم قال النبي له قولاً | بليغاً مكرّرا تكريرا | |
أنت خدني وصاحبي ووزيري | بعد موتي أكرم بذاك وزيرا | |
أنت مني كمثل هرون من موسى | لم اكن ابتغي سواه ظهيرا | |
وأبوهم أودى بعمرو بن ودّ | حين لاقاه في العجاج أسيرا | |
وأبوهم لبابِ خيبر أضحى | قالعا ليس عاجزا بل جسورا | |
حامل الراية التي ردّها بالأمس | مَن لم يزل جبانا فرورا |
خصّه ذو العلا بفاطمة عرساً | وأعطاه شبرا وشبيرا | |
وهم باب ذي الجلال على آدم | فارتد ذنبه مغفورا | |
وبهم قامت السماء ولولاهم | لكادت بأهلها أن تمورا | |
وبهم باهل النبي فقل لي | ألهم في الورى عرفت نظيرا ؟! | |
فيهم أنزل المهيمن قرآنا | عظيما وذاك جمّا خطيرا | |
في الطواسين والحواميم والرحمن | آيا ما كان في الذكر زورا | |
وخلقناه نطفة نبتليه | فجعلناه سامعا وبصيرا | |
لبيان إذا تأمله العارف | يبدي له المقام الكبيرا | |
ثم تفسير هل أتى فيه يا صاح | قل له إن كنت تفهم التفسيرا | |
إن الأبرار يشربون بكأس | كان عندي مزاجها كافورا | |
فلهم أنشأ المهيمن عيناً | فجّروها لديهم تفجيرا | |
وهداهم وقال : يوفون بالنذر | فمن مثلهم يوفي النذورا ؟! | |
ويخافون بعد ذلك يوماً | شرّه كان في الورى مستطيرا | |
فوقاهم إلههم ذلك اليوم | ويلقون نضرة وسرورا | |
وجزاهم بأنهم صبروا في السر | والجهر جنةً وحريرا | |
فاتكوا من على الأرائك لا | يلقون فيها شمسا ولا زمهريرا | |
وأوانٍ وقد أطيفت عليهم | سلسبيل مقدّر تقديرا | |
وبأكواب فضّة وقوارير | قدّروها عليهم تقديرا | |
وبكأس قد مازجت زنجبيلا | لذّة الشاربين تشفي الصدورا | |
وإذا ما رأيت ثم نعيماً | دائماً عندهم وملكاً كبيرا | |
وعليهم فيها ثياب من السندس | خضر في الحشر تلمع نورا | |
ويحلّون بالأساور فيها | وسقاهم ربي شراباً طهورا | |
وروى لي عبد العزيز الجلودي | وقد كان صادقاً مبرورا | |
عن ثقاة الحديث أعنى العلائي | هو أكرم بذا وذا مذكورا | |
يسندوه عن ابن عباس يوماً | قال : كنا عند النبيّ حضورا | |
إذ أتته البتول فاطم تبكي | وتوالي شهيقها والزفيرا | |
قال : مالي أراك تبكين يا فاطم ؟! | قالت وأخفت التعبيرا | |
إجتمعن النساء نحوي واقبلن | يطلن التقريع والتعييرا | |
قلن : إن النبي زوّجك اليوم | عليّا بعلاً عديماً فقيرا | |
قال : يا فاطم اسمعي واشكري الله | فقد نلتِ منه فضلاً كبيرا | |
لم ازوّجك دون إذنٍ من الله | وما زال يحسن التدبيرا | |
أمر الله جبرئيل فنادى | رافعاً في السماء صوتاً جهيرا | |
وأتاه الأملاك حتى إذا ما | وردوا بيت ربّنا المعمورا | |
قام جبريل قائما يكثر التحميد | لله جلّ والتكبيرا | |
ثم نادى : زوّجت فاطم يا رب | عليّ الطهر الفتى المذكورا | |
قال رب العلا : جعلت لها المهر | لها خالصاً يفوق المهورا | |
خمس أرضي لها ونهري وأو | جبت على الخلق ودّها المحصورا | |
وروينا عن النبي حديثاً | في البرايا مُصحّحاُ مأثورا | |
انه قال : بينما الناس في الجنّة | إذ عاينوا ضياءً ونورا | |
كاد أن يخطف العيون فنادوا : | أي شيء هذا ؟ وأبدوا نكورا | |
أوَ ليس الإله قال لنا : لا | شمس فيها ترى ولا زمهريرا | |
وإذا بالنداء : يا ساكن الجنة | مهلاً أمنتم التغييرا | |
ذا عليّ الوليّ قد داعب الزّ | هراء مولاتكم فأبدت سرورا | |
فبدا إذ تبسّمت ذلك النور | فزيدوا إكرامه والحبورا | |
يا بني أحمد عليكم عمادي | واتكالي إذا أردت النشورا | |
وبكم يسعد الموالي ويشقى | من يعاديكم ويصلي سعيرا | |
أنتم لي غداً وللشيعة الأبرار | ذخر أكرم به مذخورا | |
صاغ أبياتها عليّ بن حمّاد | فزانت وحُبّرت تحبيرا |