بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس : العشرون |
الليلة التاسعة من المحرم الحرام |
26 / ذو القعدة / 1438 هـ . ق |
القصيدة للمرحوم أبي الحسن التِهامي
حُكمُ المَنيَّةِ في البريَّةِ جاري | ما هذهِ الدُّنيا بدارِ قَرارِ | |
بينا يُرى الإنسانُ فيها مُخبراً | حَتَّى يُرى خَبَراً مِنَ الأخبارِ | |
فالعيشُ نَومٌ والمَنيةُ يَقظةٌ | والمرءُ بَينهُما خَيالٌ ساري | |
ليسَ الزمانُ وان حَرِصتَ مُسالِماً | خُلُقُ الزَّمانِ عَداوةُ الأحرارِ | |
والنَّفسُ إن رَضَِيتْ بذلك أمْ أبَتْ | مُنقادَةٌ بأزِمّةِ الأقدارِ | |
لا تأمَنِ الأيّامَ يَوماً بَعدَما | غَدَرَتْ بعترةِ أحمَدَ المُختارِ | |
فجعَتْ حُسيناً بابنهِ مَنْ أشبَه الـ | مُختارَ في خَلْقٍ وفي أطوارِ | |
لمّا رآهُ مُقَطَّعَ الأوصالِ مُلـ | قىً في الثّرى يَذري عليهِ الذّاري | |
ناداهُ والأحشاءُ تَلهَبُ والمَدا | مِعُ تَستَهِلُّ بِدَمعِها المِدرارِ | |
يا كوكباً ما كانَ أقصَرَ عُمرَهُ | وكذا تكونُ كواكِبُ الأسحارِ |
حدي:
الوالد سمع صوت الولد | سلم ولن صوته خمد | |
اسرع وللحومه گصد | ويم جثة الأكبر گعد | |
ومن شوفته گليـبه انمرد | سابح ابدمه والجسد | |
اجروحه کثره ابلا يه عد | والأَمَرْ من هذا او أشد | |
گطعوا اوصاله بِدَد | نوحوا عليه بعد وبعد |
أبوذية:
يوسفه الولد عني راح مارد | وسيف الگطعه لحشاي مارد | |
شفته وصحت بعدك عمر مارد | يشبه المصطفى وروح الزچيه |
الگوريز:
قال أبو الفرج الأصفهاني وغيرهُ: وكان أولَ من قُتِلَ بالطف من بني هاشم بعد أنصار الحسين (عليه السلام) عليُّ الأكبر بن الحسين (عليه السلام)، فإنه لما نظر إلى وحدةِ أبيه تقدم إليه وهو على فرسٍ له ذا الجناح فاستأذنه في القتال، وكان من أصبحِ الناسِ وجهاً، وأحسنِهِم خُلقاً، فأرخى الإمام عينيه بالدّموع وأطرق ثم قال:
اللهم اشهد على هؤلاء القوم أنه قد برز، إليهم غلامٌ أشبهُ الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه ثم صاح يا ابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظني في رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فلما فهم الإذن من أبيه شدّ على القوم وهو يقول:
أنا عليُّ بنُ الحسين بن علي | نحنُ وبيت الله أولى بالنبي |
واللهِ لا يحكُمُ فينا ابنُ الدّعي
أضربُکُم ْبابسّيف حتّی ينثني | ضربَ غلامٍ هاشميِّ علوي |
فقاتلَ قتالاً شديداً ثمّ عاد إلى أبيه وهو يقول: يا أبتِ العطشُ قد قتلني، وثقلُ الحديدِ قد أجهدني، فبكى الإمام (عليه السلام) وهو يقول: وا غوثاه وأنى لي بالماء قاتل يا بني قليلاً واصبر فما أسرعَ الملتقى بجدّك محمد (صلّى الله عليه وآله) فيسقيَكَ بكأسه الأوفى شُربةً لا تظمأ بعدها أبداً، فكرّ على الأعداء يفعل بهم فعل أبيه وجدّه.
قال حميد بن مسلم الأزدي كنت واقفاً وبجنبي مرّةُ بن منقذِ العبدي وعليّ بن الحسين يشدّ على القوم يمنةً ويسرة فيهزمهم فقال مُرّة: عليّ آثامُ العرب إن مرّ بي هذا الغلام ولم أثکل أباه به فقلت له: يكفيك هؤلاء الذين احتوشوه فقال: لأفعلن ومرّ بنا عليّ وهو يطرد كتيبة فطعنه برمحِهِ فانقلب على قربوس سرج فرسه فاعتنقه فذهب به إلى جهة الأعداء فقطعوه بالسيوف فصاح قبل أن يفارق الدنيا: السلامُ عليك يا أبتي هذا جدّي المصطفى قد سقاني بكأسه الأوفى، فشدّ الحسين (عليه السلام) حتى وقف عليه وهو مقطّعٌ بالسيوف إرْباً إرْباً فقال: قتل اللهُ قوماً قتلوك يا بني، فما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة الرسول ثمّ بكى وقال: على الدنيا بعدك العفاء:
گعد عنده وشافه مغمض العين | بدمّه سابح مترب الخدين | |
متواصل طبر والراس نصين | حنه ظهره على بنيه وتحسر |
* * *
يبويه من سمع يمك ونينك | او من شبحت لعند الموت عينك | |
لثلاثين ما وصلن سنينك | وحاتفني عليك الدهر الأكشر |
وروى أبو مخنف: عن حميد بن مسلم أنه قال: وكأني أنظر إلى امرأةٍ خرجت من المخيم ـ الفسطاط ـ وهي تنادي يا حبيباه يا ابن أخيّاه فسألت عنها فقالوا: هذه زينب بنت علي فجاءت حتى انكبت عليه فجاء الحسين إليها وأخذ بيدها إلى الفسطاط ولسان الحال:
شافه والنبل شابك علي راح | هوه فوگه وصفگ راحٍ علي راح | |
صاح بصوت يا زينب علي راح | يخويه ظلمّت الدنيا عليّه |
ولسان حال الإمام الحسين (عليه السلام)
صدّعت قلبي يا بنيّ تأسفا | وتركتني أدعو أسىً وتلهُفا |
أنا لاحقٌ بك يا شبيه المصطفى
فلتذهب الدنيا على الدنيا العفى | ما بعد يومِكَ من زمانٍ أرغد |
* * *
أنا لم أخَل قبلي سيرديك الردى | فلك الفدى نفسي لو أنك تفتدى |
أتركتني شجواً أنوحُ مردّداً
يا نُجعةَ (1) الحيينِ هاشمَ والندى | وحمى الذّمارين (2) العلى والسؤدَدِ |
1 - فلان نُجْعَتي: اي أملي.
2 - الذِّمار: هو کلّ ما يلزم عليک حفظُهُ کالأهل و الحرم.